للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما يحتاج فيه الى الرأى، والموكل انما رضى برأيهما، لا برأى أحدهما، واجتماعهما على ذلك ممكن، فلم يمتثل أمر الموكل فلا ينفذ عليه.

وكذا الوكيلان بالشراء سواء كان الثمن مسمى أو لم يكن، وسواء كان الوكيل الآخر غائبا أو حاضرا الا أن فى الشراء اذا اشترى أحدهما بدون صاحبه ينفذ على المشترى، ولا يقف على الاجازة.

وفى البيع يقف على الاجازة.

وكذلك الوكيلان بالنكاح، والطلاق على مال، والعتق على مال، والخلع، والكتابة، وكل عقد فيه بدل هو مال، لأن كل ذلك مما يحتاج الى الرأى، ولم يرض برأى أحدهما بانفراده.

وكذا ما خرج مخرج التمليك بأن قال الرجلين جعلت أمر امرأتى بيدكما، أو قال لهما طلقا امرأتى ان شئتما لا ينفرد أحدهما بالتطليق، لأنه جعل أمر اليد تمليكا، ألا ترى أنه يقف على المجلس، والتمليكات هى التى تختص بالمجلس، والتمليك على هذا الوجه مشروط‍ بالمشيئة كأنه قال: طلقا امرأتى ان شئتما، وهناك لا يملك أحدهما التطليق دون صاحبه، لأن المعلق بشرطين لا ينزل الا عند وجودهما، فكذا هذا.

وكذا الوكيلان بقبض الدين لا يملك أحدهما أن يقبض دون صاحبه، لأن قبض الدين مما يحتاج الى الرأى والأمانة، وقد فوض الرأى اليهما جميعا لا الى أحدهما، ورضى بأمانتهما جميعا، لا بأمانة أحدهما، فان قبض أحدهما لم يبرئه الغريم حتى يصل ما قبضه الى صاحبه، فيقع فى أيديهما جميعا، أو يصل الى الموكل، لأنه لما وصل المقبوض الى صاحبه أو الى الموكل فقد حصل المقصود بالقبض، فصار كأنهما قبضاه جميعا ابتداء.

وأما الوكيلان بالطلاق على غير مال، والعتق على غير مال، والوكيلان بتسليم الهبة، ورد الوديعة، وقضاء الدين فينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلا به، لأن هذه التصرفات مما لا يحتاج الى الرأى فكان أضافة التوكيل اليهما تفويضا للتصرف الى كل واحد منهما بانفراده.

وأما الوكيلان بالخصومة فكل واحد منهما يتصرف بانفراده عند أصحابنا الثلاثة.

وعند زفر لا ينفرد.

وجه قوله أن الخصومة مما يحتاج الى الرأى ولم يرض برأى أحدهما، فلا يملكها أحدهما دون الآخر.

وجه قول أصحابنا الثلاثة أن الغرض من الخصومة اعلام القاضى بما يملكه المخاصم واستماعه، واجتماع الموكيلين على ذلك لا يخل بالاعلام والاستماع، لأن ازدحام الكلام يخل بالفهم، فكان أضافة التوكيل