ويقول الزيلعى: من فقهاء الحنفية - فى تعريف الخمر هى التئ من ماء العنب اذا غلا واشتد وقذف بالزبد ..
وقال بعضهم: كل مسكر خمر، لما روى عن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسّلام قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» رواه مسلم وأبو داود والترمذى وغيرهم.
وفى لفظ كل مسكر خمر وكل خمر حرام رواه مسلم.
ولقوله عليه الصلاة والسّلام الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة رواه مسلم وأبو داود والترمذى وجماعة.
وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
ان من الحنطة خمرا، وان من الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا رواه أبو داود والترمذى وجماعة أخر، ولأنها سميت خمرا لمخامرتها العقل، والسكر يوجد بشرب غيرها فكان خمرا.
ولنا أن الخمر حقيقة اسم للنئ من ماء العنب المسكر بانفاق أهل اللغة، وغيره يسمى مثلثا أو باذقا الى غير ذلك من أسمائه، وتسمية غيرها خمرا مجازا، وعليه يحمل الحديث أو على بيان الحكم ان ثبت، لأنه عليه الصلاة والسّلام بعث له لا لبيان الحقائق.
ولا نسلم أنها سميت خمرا لمخامرتها العقل، بل لتخمرها ولئن سلمنا أنها سميت بالخمر لمخامرتها العقل لا يلزم منه أن يسمى غيرها بالخمر قياسا عليها، لأن القياس لاثبات الأسماء اللغوية باطل وانما هو لتعدى الحكم الشرعى .. ألا ترى ان البرج سمى برجا لتبرجه وهو الظهور، وكذا النجم سمى نجما لظهوره، ثم لا يسمى كل ظاهر برجا ولا نجما.
وما ذكره فى المختصر من تعريف الخمر هو قول أبى حنيفة رحمه الله.
وعندهما اذا اشتد صار خمرا ولا يشترط فيه القذف بالزبد: لأن اللذة المطربة والقوة المسكرة تحصل به، وهو المؤثر فى ايقاع العداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وأما القذف بالزبد فهو وصف لا تأثير له فى احداث صفة السكر.
وله أن الغليان بداية الشدة وكماله بقذف الزبد، لأنه يتميز به الصافى عن الكدر، وأحكام الشرع المتعلقة بها قطعية كالحد واكفار مستحلها ونحو ذلك، فتناط بالنهاية به.
وقيل يؤخذ فى حرمة الشرب بمجرد الاشتداد، وفى وجوب الحد على الشارب بقذف الزبد احتياطا (١).
(١) أنظر كتاب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للامام العلامة العالم فخر الدين عثمان الزيلعى الحنفى وبهامشه حاشية الامام العلامة الشيخ الشلبى، ج ٦ ص ٤٤ طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية الطبعة الأولى سنة ١٣١٥ هـ.