على فتواه به الى موته. ولم يخالفه فيه أحد من علماء عصره، وتابعه عليه أهل الدين والصلاح والرشد من الحنفية وغيرهم.
وقد زعم قوم أنه دواء لكل داء.
وهذا من غش الشيطان وتلبيسه وتزيينه، فانه يتولد من تكاثف الدخان فى أجوافهم أمراض وعلل .. وتكرار الدخان يسود ما يتعلق به، وتتولد منه الحرارة فتكون داء مزمنا مهلكا فيشمله قوله سبحانه «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ»}.
وأفتى بعض علماء الروم بتحريمه وألف فيه رسالة قال فيها: أنه لا شفاء فيه أصلا، وضرره مشاهد فى أكثر مستعمليه. وأدنى ضرره افساد العقل، وتلويث الظاهر والباطن المأمور بتنقيتهما شرعا وعادة ومروءة .. ولا شك أنه من نزغات الشيطان وتلاهى المترفين.
والذى ينبغى للعبد التعويل عليه طلبا للحق والانصاف أن يقول بالتفصيل.
فان كان معجونا بشئ من النجاسات فدخانه نجس على المذهب.
وان سلم من ذلك فالمشاهد فى كثير من مستعمليه عدم سكرهم به، ولكن يحتمل أنه مفسد أو مخدر، فان كان كذلك فهو محرم ولو قل زمن افساده أو تخديره.
وان قطع بعدم افساده وتخديره جاز استعماله.
وان شك فى ذلك حرم.
ولا بد من سؤال الطبيب العارف بالأمزجة وما يغيرها واستعماله مع الشك فى ذلك محرم وخصوصا أن أدى الى تضييع بعض الواجبات، وهذا كله مع تحقيق عدم اضراره بالبدن عاجلا وآجلا والا فهو محرم لوجوب حفظه، وهى احدى الكليات الخمس المجمع عليها.
وغالب مستعملى الدخان لا تحفظ لهم به صحة حاصلة ولا تجلب به صحة زائلة بل للتلذذ والتفكه. وهذه امارة الاسطال بلا أشكال.
ولو لم يكن فى استعماله الا تسويد الثياب والأبدان وكراهة الريح والانتان، لكان زاجرا للعاقل عنه، خصوصا مع ذهابه بذلك الى المحافل والجماعة للصلوات، وتأمل حال شاربيه وهو يخرج من أفواههم وأنوفهم كأهل النار ..
وقد كره النبى صلّى الله عليه وسلّم الطعام الحار وقال صلّى الله عليه وسلم ان الله سبحانه وتعالى لم يطعمنا نارا .. وقال عليه الصلاة والسّلام «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» ولا شك أن استعمال الدخان مما أراب وأوقع الاضطراب.