للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد علم من ذلك أن قوله حتى ينهيه غاية لفصل الأمر خاصة، ويجوز أن يكون غاية لوجوب الاشهاد.

وبهذا التقرير الذى ذهب اليه جمع محققون بناء على ما مر من أنه يشهد على نفس الفسخ علم صحة كلامه، اذ بعد الفسخ لا وجه لوجوب فور ولا انهاء.

ومن زعم أن الاكتفاء بالاشهاد انما هو عند تعذر الحاكم والخصم فغير صحيح.

وحينئذ فمعنى ايجاب الاشهاد عليه فى حالتى وجود العذر وفقده أنه عند وجوده يسقط‍ الانهاء ويجب تحرى الاشهاد ان تمكن منه وعند فقده يخير بينه وبين الانهاء وحينئذ يسقط‍ الاشهاد أى تحريه فلا ينافى وجوبه لو صادفه شاهد.

فان عجز عن الاشهاد لم يلزمه التلفظ‍ بالفسخ فى الأصح، لأن ايجاب لفظ‍ من غير سامع أو سامع لا يعتد به بعيد فيؤخر الى أن يأتى به عند المردود عليه أو الحاكم لعدم فائدته قبل ذلك.

وجاء فى المجموع: ان الاشهاد (١) على عقد البيع والاجارة وسائر العقود غير النكاح والرجعة مستحب وليس بواجب.

واستدلوا للاستحباب بقوله تعالى:

«وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» هذا مذهبنا.

وقال ابن المنذر: وبه قال أبو أيوب الانصارى وأبو سعيد الخدرى والشعبى والحسن وأصحاب الرأى وأحمد واسحاق.

وبهذا قال جمهور الأمة من السلف والخلف.

قال ابن المنذر: وقالت طائفة يجب الاشهاد على البيع وهو فرض لازم يعصى بتركه.

قال روينا هذا عن ابن عباس.

قال: وكان ابن عمر اذا باع بنقد أشهد ولم يكتب قال:

وروينا عن مجاهد قال: ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة: رجل باع بنقد ولم يشهد.

وقال روينا نحو هذا عن أبى بردة وعن أبى موسى وابى سليمان المرعشى.

واحتجوا بقوله تعالى: «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ}.

واحتج الجمهور بالأحاديث الصحيحة أن النبى صلى الله عليه وسلم باع واشترى ولم ينقل الاشهاد فى ذلك. وكذلك


(١) انظر من كتاب المجموع شرح المهذب للامام الفقيه الحافظ‍ أبى زكريا محيى الدين بن شرف النووى ويليه فتح العزيز شرح الوجيز للامام الجليل أبى القاسم عبد الكريم محمد الرافعى ج ٩ ص ١٥٤، ١٥٥ طبع مطبعة التضامن الأخوى بمصر.