أمر العامة الذى هو من قبيل الولاية العامة، فلان يصلح للشهادة التى هى من قبيل الولاية الخاصة من باب أولى.
ولأن الغرض من الشهادة على الزواج تكريم العقد والاعلان عنه. وليس فى حضور الفاسق فى الحال التى لا يكون فيها متلبسا بالفسق وشهادته ما ينافى تكريم العقد فيمكن أن يتوفر بحضوره معنى التكريم ويحصل به الاعلان.
واذا كانت الشهادة تعتمد على ترجيح جانب الصدق على جانب الكذب فكثير من الفساق يتحرجون من الكذب، ولا يشك من يخالطهم فى أن أقوالهم يغلب فيها جانب الصدق.
على أن الشهادة فى عقد الزواج ليس الغرض الأول منها اثبات العقد عند الخصومة أمام القضاء، حتى يراعى فيها كل ما يراعى فى أداء الشهادة، وانما الغرض الأول هو الاعلان والتكريم، وذلك حاصل بحضور الفاسق.
ثم ان شهادة الفاسق فى الخصومات ليس الحكم فيها ان ترد فى كل حال بل يجوز للقاضى أن يقبلها ويحكم بموجبها اذا تحرى عن الشاهد ووقف على أنه صادق فى شهادته. فان الله تعالى يقول فى شأنه «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ»}.
فأمر الله بالتبين والتثبت فى شأنه ولم يأمر برد أقواله باطلاق.
وليس من شروط الشهادة على الزواج أن يكونوا مبصرين، لأن الغرض الأول من الشهادة على هذا العقد هو التكريم والاعلان. وليس الاثبات، وذلك يتحقق بشهادة الأعمى.
ويكفى فيها معرفة الشهود للزوجين معرفة تحقق هذا الغرض.
وقد قرر الفقهاء أن معرفة الشهود للزوجين تتحقق بأن يعرفوا اسم كل منهما واسم أبيه.
وكذلك ليس من الشروط أن يكون الشهود ممن لا ترد شهادتهم للزوجين فى القضاء.
وبناء على ذلك يصح الزواج بشهادة أبوى الزوجين. وبشهادة ابنى الزوج من امرأة أخرى، وبشهادة ابنى الزوجة من رجل آخر، وبشهادة ابن للزوج وابن للزوجة وكذلك بشهادة ابنى الزوجين معا.
وذلك كأن يطلق الرجل امرأته طلاقا بائنا، وله منها أولاد ثم يعقد عليها بشهادة ابنيه منها.
وكذلك لا يشترط أن يكون الشهود ممن تقبل شهادتهم على الزوجين فى القضاء.
ولذلك يصح العقد بشهادة عدوين للزوجين أو لأحدهما.