للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى طالب علم أصول الفقه أن يعرف ما هو موضوعه؟ قبل أن يشرع فيه، لما تقدم ذكره.

اذا تمهد هذا نقول: قد اختلف علماء الأصول فى موضوعه على مذاهب كثيرة أشهرها ثلاثة:

١ - (المذهب الأول) أن موضوعه:

الأدلة السمعية مجملة من حيث اثبات الأحكام الشرعية بجزئياتها، بطريق الاجتهاد، بعد الترجيح بينها عند تعارضها، وهذا مذهب الجمهور. وعليه فيعرف الأصول بنحو ما تقدم ذكره عن البيضاوى.

وانما كان الأمر كذلك، لأنه يبحث فى الأصول عن عوارض تلك الأدلة الذاتية من هذه الحيثية.

قال الآمدى: «ولما كانت مباحث الأصوليين فى علم الأصول - لا تخرج عن أحوال الأدلة الموصلة الى الأحكام الشرعية، المبحوث عنها فيه وعن أقسامها واختلاف مراتبها واستثمار الأحكام الشرعية عنها، على وجه كلى: كانت هى موضوع علم الأصول».

وتعبير بعضهم: «بأن موضوعه الدليل السمعى»، المراد منه: أن موضوع الأصول بالقوة هو: الدليل السمعى الكلى، وأن موضوعه بالفعل - فى قضاياه وسائله - وهو: أنواع هذا الدليل، وأعراضه وأنواع هذه الأعراض. كما صرح به الكمال بن الهمام وغيره، وكما سنذكره ونبينه.

وبذلك تعلم أن موضوع الأصول أشياء متعددة - وهى: الكتاب، والسنة وغيرهما: من الأدلة المتفق على حجيتها والأدلة المختلف فيها - ولكنها متناسبة:

لاشتراكها فى الايصال الى حكم شرعى.

وتعلم أيضا -: أن الأدلة التفصيلية ليست موضوعا له وانما تذكر فيه على سبيل المثال.

وتعلم كذلك - أن مسائل علم الأصول منحصرة فى ثلاثة مباحث:

الأدلة والترجيح عند التعارض والاجتهاد.

وأن مباحث الأحكام ليست من الأصول

ثم ان البحث عن العوارض الذاتية للدليل السمعى الاجمالى، يكون على أربعة أنواع:

(النوع الأول) أن يحمل العرض الذاتى على نفس الدليل، كقولنا: «الكتاب يثبت الحكم قطعا: اذا كانت دلالته قطعية».

(النوع الثانى) أن يحمل على نوع الدليل كقولنا: الأمر يفيد الوجوب» فان الأمر نوع من الكتاب.