للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى اذا مضى حين، قالوا والحين لفظة مشتركة تستعمل للصباح والعشى كقول الله عز وجل «حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ» (١) وبمعنى السنة وعليه قول الله عز وجل «تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ» (٢) أى كل سنة وقيل ستة أشهر وبمعنى أربعون سنة، وعليه قول الله عز وجل «هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ» (٣) وعن العمر، وعليه قوله تعالى «وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ» (٤) قالوا:

فاذا احتملت هذه المعانى حمل على المتيقن وهو العمر، لأن الأصل عدم الطلاق.

قال مولانا عليه السّلام: وما ذكره أصحابنا فى هذه المسئلة غاية الضعف والركة والمخالفة لمقتضى اللغة العربية، والصحيح عندى أنها تطلق بعد مضى لحظة، لأنه قيده بمضى حين، وقد مضى الحين اذ لفظة الحين اسم جنس واذا علق الطلاق بوقت معين فانه يقع بأول المعين نحو أنت طالق اذا جاء غد فانها تطلق بأول غد، وكذا بعد شهر ونحوه فانها تطلق بأول الشهر الثانى ونحو ذلك، لأنه علقه بظرف ممتد فتطلق بأوله.

قال أبو العباس اذا قال أنت طالق غدا أو أنت طالق اذا جاء غد طلقت اذا طلع الفجر، وهكذا اذا قال أنت طالق فى غد، قال فان نوى وقتا بعينه من نصفه أو آخره فله نيته فى ظاهر الحكم وفيما بينه وبين الله تعالى على أصل يحيى عليه السّلام (٥).

واذا علق بوقتين معينين وقع أول الأول ان تعدد ذلك الوقت المعين كاليوم غدا، لأن الطلاق يتعلق بالظرف الأول لا الثانى، فاذا قال أنت طالق اليوم غدا طلقت أول اليوم وان قال أنت طالق غدا اليوم طلقت غدا، ولو تعدد الوقت بتخيير نحو أنت طالق اليوم أو غدا أو بعدد جمع نحو أنت طالق اليوم وغدا فانها تطلق بأول المذكور من الوقتين أولا غالبا، بخلاف ما اذا قال أنت طالق غدا واليوم فانها تطلق بأول الآخر فتطلق فى الحال ها هنا وهو اليوم، لأن تأخره لفظا لا يخرجه عن تقدمه لتقدمه فى الوقوع مع تعليق الطلاق بهما جميعا.

ومن قال انت طالق يوم يقدم زيد ونحوه كيوم أدخل الدار وما أشبه ذلك فانه لوقت قدومه ودخوله حيا مختارا، سواء وقع ليلا أو نهارا، لأن قوله يوم يقدم بمعنى وقت يقدم عرفا فان قصد النهار فقط‍ فله نيته، وان قدم ميتا أو مكرها لا فعل له لم تطلق لأنه مقدوم به لا قادم ولفظ‍ أول آخر هذا اليوم وعكسيه وهو آخر أول هذا اليوم موضوع


(١) الآية رقم ١٧ من سورة الروم.
(٢) الآية رقم ٢٥ من سورة ابراهيم.
(٣) الآية رقم ١ من سورة الدهر.
(٤) الآية رقم ٩٨ من سورة يونس.
(٥) شرح الأزهار فى فقه الائمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج ٢ ص ٤٠٢ وما بعدها الى ص ٤٠٤ طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.