مجلس آخر، لأنه جعل الأمر بيدها فى جميع الوقت فاعراضها فى بعض الوقت لا يبطل خيارها فى الجميع.
ولو قال لها: أمرك بيدك اليوم وبعد غد فاختارت زوجها اليوم فلها أن تختار نفسها بعد غد، وكذلك اذا ردت الأمر فى يومها بطل أمر ذلك اليوم وكان الأمر بيدها بعد غد حتى كان لها أن تختار نفسها بعد غد.
ذكر القدورى هذه المسئلة ونسب القول الى أبى حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى.
وذكرها فى الجامع الصغير ولم يذكر الاختلاف.
والوجه أنه جعل الأمر بيدها فى وقتين وجعل بينهما وقتا لا خيار لها فيه فصار كل واحد من الوقتين شيئا منفصلا عن صاحبه مستقلا بنفسه فى الأمر مفردا به فيتعدد التفويض معنى كأنه قال أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك بعد غد فرد الأمر فى احدهما لا يكون ردا فى الآخر بخلاف قوله أمرك بيدك اليوم أو الشهر أو السنة أو اليوم أو غدا، أو هذين اليومين على قول من يقول يبطل الأمر، لأن هناك الزمان زمان واحد لا يتخلله ما لا خيار لها فيه فكان التفويض واحدا، فرد الأمر فيه يبطله.
ولو قال أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك غدا فهما أمران حتى لو اختارت زوجها اليوم أو ردت الأمر فهو على خيارها غدا، لأنه لما كرر اللفظ فقد تعدد التفويض فرد احدهما لا يكون ردا للآخر، ولو اختارت نفسها فى اليوم فطلقت ثم تزوجها قبل مجئ الغد فأرادت أن تختار فلها ذلك وتطلق أخرى اذا اختارت نفسها، لأنه ملكها لكل واحدة من التفويضين طلاقا، فالايقاع بأحدهما لا يمنع من الايقاع بالآخر.
ولو قال لها أمرك بيدك هذه السنة فاختارت نفسها ثم تزوجها. لم يكن لها أن تختار فى بقية السنة فى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى.
وقال أبو يوسف وقياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى أن يلزمها الطلاق فى الخيار الثانى ولست أروى هذا عنه ولكن هذا قياس قوله ولو كان ترك القياس واستحسن لكان مستقيما.
ولو لم تختر نفسها ولا زوجها ولكن الزوج طلقها واحدة ولم يكن دخل بها ثم تزوجها فى تلك السنة فلا خيار لها فى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى، لأن الزوج تصرف فيما فوض اليها فيخرج الأمر من يدها كالموكل اذا باع ما وكل ببيعه فان الوكيل ينعزل.
وعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى الخيار لأن جعل الأمر باليد فيه معنى التعليق