للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أيتهما شاء لأن الايلاء فى حق حكم البر تعليق الطلاق شرعا بشرط‍ ترك القربان فى المدة فيصير كأنه قال: ان لم أقرب أحداكما أربعة أشهر فاحداكما طالق بائن ولو نص على ذلك فمضت المدة ولم يقرب احداهما طلقت احداهما غير عين وله الخيار يوقع على أيتهما شاء كذا هذا، ولو أراد أن يعين الايلاء فى احداهما قبل مضى أربعة أشهر لا يملك ذلك، حتى لو عين احداهما ثم مضت أربعة أشهر لم يقع الطلاق على المعينة بل يقع على احداهما بغير عينها ويخير فى ذلك، لأن اليمين تعلقت بغير المعينة فالتعيين يكون تغيير اليمين فلا يملك ذلك، لأن تغيير اليمين ابطالها من وجه واليمين عقد لازم لا يحتمل البطلان فلا يحتمل التغيير ولأن الايلاء فى حق البر تعليق الطلاق بشرط‍ عدم القربان فى المدة ومتى علق الطلاق المبهم بشرط‍ ثم أراد تغيير التعليق قبل وجود الشرط‍ لا يقدر على ذلك كما اذا قال لامرأتيه اذا جاء غد فاحداكما طالق، ثم أراد أن يعين احداهما قبل مجئ الغد لا يملك ذلك، كذا هذا، فاذا مضت المدة وبانت احداهما بغير عينها فله الخيار فى تعيين أيتهما شاء للطلاق لأن الطلاق اذا وقع فى المجهولة يتخير الزوج فى التعيين فله أن يوقع الطلاق على احداهما، فلو لم يوقع الطلاق على واحدة منهما حتى مضت أربعة أشهر أخرى وقعت تطليقة أخرى وبانت كل واحدة منهما بتطليقة فى ظاهر الرواية.

وروى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يقع الطلاق على الأخرى وذلك لأنه آلى من احداهما لا من كل واحدة منهما فلا يتناول الايلاء الا احداهما.

ووجه ظاهر الرواية أن اليمين باقية لعدم الحنث فكان تعليق طلاق احداهما بمضى المدة من غير فئ باقيا فاذا مضت أربعة أشهر ووقع الطلاق على احداهما فقد زالت مزاحمتهما واليمين باقية فتعينت الأخرى لبقاء اليمين فى حقها وتعليق طلاقها كما لو زالت المزاحمة بعد مضى المدة قبل اختيار الزوج بالموت بأن ماتت احداهما أليس أنه تتعين الأخرى كذا ههنا (١).

وأما اذا قال: والله لا أقرب واحدة منكما فانه يصير موليا منهما جميعا، حتى لو مضت مدة أربعة أشهر ولم يقربهما فيها بانتا جميعا، كذا ذكر المسئلة فى الجامع من غير خلاف وهكذا ذكر القاضى فى شرحه مختصر الطحاوى.

وذكر القدورى فى شرحه مختصر الكرخى فقال على قول أبى حنيفة وأبى يوسف يكون موليا منهما استحسانا.


(١) المرجع السابق ج ٣ ص ١٦٣، ص ١٦٤ نفس الطبعة.