للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الشاة من القطيع والثوب من العدل مجهول جهالة مفضية الى المنازعة لتفاحش التفاوت بين شاة وشاة وثوب وثوب فيوجب فساد البيع، فان عين البائع شاة أو ثوبا وسلمه اليه ورضى به جاز ويكون ذلك ابتداء بيع بالمراضاة ولأن البياعات للتوسل الى استيفاء النفوس الى انقضاء آجالها والتنازع يفضى الى التنافى فيتناقض، ولأن الرضا شرط‍ البيع والرضا لا يتعلق الا بالمعلوم (١).

وكذا اذا قال بعتك أحد هذه الأثواب الأربعة بكذا وذكر خيار التعيين أو سكت عنه أو قال بعتك أحد هذين الثوبين أو أحد هذه الأثواب الثلاثة بكذا وسكت عن الخيار فالبيع فاسد لأن المبيع مجهول، ولو ذكر الخيار بأن قال على أنك بالخيار تأخذ أيهما شئت بثمن كذا وترد الباقى فالقياس أن يفسد البيع.

وفى الاستحسان لا يفسد.

أما القياس فلأن المبيع مجهول لأنه باع أحدهما غير عين وهو غير معلوم فكان المبيع مجهولا فيمنع صحة البيع كما لو باع أحد الأثواب الأربعة وذكر الخيار.

وأما الاستحسان فالاستدلال بخيار الشرط‍ والجامع بينهما مساس الحاجة الى دفع الغبن وكل واحد من الخيارين طريق الى دفع الغبن وورود الشرع هناك يكون ورودا ههنا والحاجة تندفع بالتحرى فى ثلاثة لاقتصار الأشياء على الجيد والوسط‍ والردئ فيبقى الحكم فى الزيادة مردودا الى أصل القياس، ولأن الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم الى ذلك، فان كل أحد لا يمكنه أن يدخل السوق فيشترى ما يحتاج اليه خصوصا الأكابر والنساء فيحتاج الى أن يأمر غيره ولا تندفع حاجته بشراء شئ واحد معين من ذلك الجنس لما عسى لا يوافق الآمر فيحتاج الى أن يشترى أحد اثنين من ذلك الجنس فيحملهما جميعا الى الآمر فيختار أيهما شاء بالثمن المذكور ويرد الباقى فجوزنا ذلك لتعامل الناس ولا تعامل فيما زاد على الثلاثة فبقى الحكم فيه على أصل القياس (٢).

ولو باع عددا من جملة المعدودات المتفاوتة كالبطيخ والرمان بدرهم والجملة أكثر مما سمى فالبيع فاسد لجهالة المبيع جهالة مفضية الى المنازعة، فان عزل ذلك القدر من الجملة بعد ذلك أو تراضيا عليه فهو جائز، لأن ذلك بيع مبتدأ بطريق التعاطى.

ولو قال: بعت هذا العبد بقيمته فالبيع فاسد، لأنه جعل ثمنه قيمته


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٥ ص ١٥٦ الطبعة الأولى طبع مطابع الجمالية سنة ١٣٥٨ هـ‍، سنة ١٩١٠ م.
(٢) المرجع السابق ج ٥ ص ١٥٦، ص ١٥٧ الطبعة السابقة.