للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

نحر ثلاثا وستين بدنة ثم أعطى عليا رضى الله عنه فنحر ما غبر (أى:

ما بقى) وأشركه فى هديه وأمر من كل بدنة ببضعة، فجعلها فى قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها، ولا يجب ذلك لقول الله عز وجل «وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ» فجعلها لنا، وما هو للانسان فهو مخير بين أكله وبين تركه، وفى القدر الذى يستحب أكله قولان.

قال الشافعى فى القديم: يأكل النصف ويتصدق بالنصف لقول الله عز وجل، {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ،} فجعلها بين اثنين فدل على أنها بينهما نصفين.

وقال الشافعى فى الجديد: يأكل الثلث ويهدى الثلث ويتصدق بالثلث لقول الله عز وجل «فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» قال الحسن البصرى:

القانع هو الذى يسألك والمعتر هو الذى يتعرض لك ولا يسألك وقال مجاهد: القانع هو الجالس فى بيته والمعتر هو الذى يسألك، فجعلها الله بين ثلاثة فدل على أنها بينهم أثلاثا.

وقال أبو العباس بن سريج وأبو العباس ابن القاص: يجوز أن يأكل الجميع لأنها ذبيحة يجوز أن يأكل منها فجاز أن يأكل جميعها كسائر الذبائح.

وقال عامة الاصحاب: يجب أن يبقى منها قدر ما يقع عليه اسم الصدقة لأن القصد منها القربة فاذا أكل الجميع لم تحصل القربة له فان أكل الجميع لم يضمن على قول أبى العباس وابن القاص ويضمن على قول سائر الأصحاب.

ولا يجوز بيع شئ من الأضحية نذرا كانت أو تطوعا لما روى عن على كرم الله وجهه قال: أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه فأقسم جلالها وجلودها وأمرنى أن لا أعطى الجازر منها شيئا وقال:

نحن نعطيه من عندنا ولو جاز أخذ العوض منه لجاز أن يعطى الجازر منها فى أجرته ولأنه انما أخرج ذلك قربة فلا يجوز أن يرجع اليه الا ما رخص فيه وهو الأكل.

ويجوز أن ينتفع بجلدها فيصنع منه النعال والخفاف والفراء لما روت عائشة رضى الله عنها قالت: دفت دافة من أهل البادية حضرت الأضحى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرسول عليه السّلام: ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقى، فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويحملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: