للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متفق عليه وان أمكنه القيام الا أنه يخشى زيادة مرضه به أو تباطؤ برئه أو يشق عليه مشقة شديدة فله أن يصلى قاعدا ونحو هذا لقول الله تبارك وتعالى «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (١) وتكليف القيام فى هذه الحال حرج ولأن النبى صلّى الله عليه وسلّم صلى جالسا لما جحش شقه الأيمن والظاهر أنه لم يكن يعجز عن القيام بالكلية لكن لما شق عليه القيام سقط‍ عنه فكذلك يسقط‍ عن غيره واذا صلى قاعدا فانه يكون جلوسه على صفة جلوس المتطوع فان لم يطق (٢) جالسا فنائما يعنى مضطجعا سماه نائما لأنه فى هيئة النائم وقد جاء مثل هذه التسمية عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وصلاة النائم على النصف من صلاة القاعد، رواه البخارى هكذا فمن عجز عن الصلاة قاعدا فانه يصلى على جنبه مسقبل القبلة بوجهه.

وقال سعيد بن المسيب والحارث العكلى وأبو ثور وأصحاب الرأى يصلى مستلقيا ووجهه ورجلاه الى القبلة ليكون ايماؤه اليها فانه اذا صلى على جنبه كان وجهه فى الايماء الى غير القبلة.

ويدل لنا قول النبى صلّى الله عليه وسلم فان لم يستطع فعلى جنبه ولم يقل فان لم يستطع فمستلقيا ولأنه يستقبل القبلة اذا كان على جنبه ولا يستقبلها اذا كان على ظهره وانما يستقبل السماء ولذلك (٣) يوضع الميت فى قبره على جنبه قصد التوجيه الى القبلة.

وقولهم أن وجهه فى الايماء يكون الى غير القبلة قلنا استقبال القبلة من الصحيح لا يكون فى حال الركوع بوجهه ولا فى حال السجود وانما يكون الى الأرض فلا يعتبر فى المريض أن يستقبل القبلة فيهما أيضا.

اذا ثبت هذا فالمستحب أن يصلى على جنبه الأيمن فان صلى على الأيسر جاز لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يعين جنبا بعينه ولأنه يستقبل القبلة على أى الجنبين كان فان صلى على ظهره مع امكان الصلاة على جنبه فظاهر كلام الامام أحمد أنه يصح نوع استقبال ولهذا يوجه الميت عند الموت كذلك والدليل يقتضى أن لا يصح لأنه خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله فعلى جنب ولأنه نقله الى الاستلقاء عند عجزه عن الصلاة على جنبه فيدل على أنه لا يجوز ذلك مع امكان الصلاة على جنبه ولأنه ترك الاستقبال مع امكانه.


(١) الآية رقم ٧٨ من سورة الحج.
(٢) المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع ج ١ ص ٧٨٣ وكشاف القناع على متن الاقناع للعلامة الشيخ منصور ابن ادريس الحنبلى وبهامشه شرح منتهى الارادات ج ١ ص ٣٢١.
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ٧٨٣، ص ٧٨٤ وكشاف القناع ج ١ ص ٣٢١ طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٠ هـ‍ الطبعة الأولى.