للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جراحاته اليه فلا يعقل الخطأ الا بعد البرء حتى يعرف الى ما صارت اليه جراحاته فان قال المقطوعة حشفته لم تحبسنى عن أن تفرض لى ديتى من اليوم، وانما هى دية كاملة ان أنا مت أو عشت وأنت انما تحبسنى خوفا من هذا القطع أن تصير نفسى فيه.

يقول ابن القاسم: لأنى لا أدرى الى ما يئول اليه هذا القطع، هل أنثييه أو رجليه أو بعض جسده سيذهب من هذا القطع فلا أعجل حتى أنظر الى ما تصير اليه شجته، لأن الموضحة ان طلب المجنى عليه ديتها وقال:

لا تحبسنى بها. فلا تعجل له حتى ينظر الى ما تصير اليه شجته. ولأن المجنى عليه موضحة ان قال عجل لى دية موضحتى فان آلت الى أكثر من ذلك زدتنى وان لم تؤل الى أكثر من ذلك كنت قد أخذت حقى. لا يعجل له ولا يلتفت الى قوله هذا، وانما فى هذا الاتباع والتسليم للعلماء أو لعله أن يموت فتكون فيه القسامة.

ولقد سأل أهل الأندلس الامام مالكا عن اللسان اذا قطع وزعموا أنه ينبت فأصغى مالك الى أن لا تعجل له فيه حتى ينظر الى ما يصير اليه اذا كان القطع قد منعه من الكلام وذلك فى الدية (١).

واذا ضرب رجل رجلا فشجه موضحة خطأ لا يحكم له بدية الموضحة حتى ينظر الى ما يصير اليه، ولا يقضى له بالدية الا بعد البرء، حتى لو قال هذا المشجوج أعطنى عقل موضحتى، فان زاد زدتنى. لأنه لو مات منها كانت الدية على عاقلته بعد القسامة، فلا ندرى على من وجبت دية الموضحة وان كانت مأمومة خطأ فهى على العاقلة.

فان قال: أعطنى عقل مأمومتى وتحملها العاقلة. فان مت منها حملت العاقلة تمام الدية فلا يكون له ذلك، لأن الدية لا تجب ان مات منها الا بقسامة فلابد أن ينتظر بالعاقلة حتى يعرف ما تصير اليه مأمومته.

وهذا المشجوج مأمومته ان مات وأبى ورثته أن يقسموا كان على العاقلة ثلث الدية لمأمومته (٢).

وان ضرب رجل رجلا خطأ فشجه موضحة فذهب سمعه وعقله فعلى العاقلة ديتان ودية الموضحة لأن هذا كله فى ضربة واحدة فقد صارت جنايته فى هذه الضربة الواحدة أكثر من الثلث فالعاقلة تحمل ذلك وان ضربه ضربة فشجه موضحة فأذهب سمعه وعقله فانه ينتظر بالمضروب - فاذا برئ وجب


(١) المدونة للامام مالك رواية الامام سحنون عن ابن القاسم ج ٤ ص ٤٣٥ طبعة المطبعة الخيرية سنة ١٣٢٤ هـ‍.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٤٨٧ الطبعة السابقة.