للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن المقطوع أبطل عصمة نفسه بالردة فصارت الردة بمنزلة الابراء عن السراية.

ولو رجع الى الاسلام ثم مات فعلى القاطع دية النفس فى قولهما.

وعند محمد عليه دية اليد لا غير.

وجه قوله على نحو ما ذكرنا أنه لما ارتد فكأنه أبرأ القاطع عن السراية.

ووجه قولهما: ان الجناية يتعلق حكمها بالابتداء أو بالانتهاء وما بينهما لا يتعلق به حكم. والمحل ههنا مضمون فى الحالين فكانت الجناية مضمونة فيهما فلا تعتبر الردة العارضة فيما بينهما.

وأما قول محمد: الردة بمنزلة البراءة فنعم لكن بشرط‍ الموت عليها لأن حكم الردة موقوف على الاسلام والموت، وقد كانت الجناية مضمونة فوقف حكم السراية أيضا.

وكذلك لو لحق بدار الحرب ولم يقض القاضى بلحوقه ثم رجع الينا مسلما ثم مات من القطع فعلى القاطع دية يده لا غير بالاجماع لأن لحوقه بدار الحرب يقطع حقوقه بدليل أنه يقسم ماله بين ورثته بعد اللحوق ولا يقسم قبله فصار كالابراء عن الجناية (١).

ولو قطع رجل يد عبد خطأ فاعتقه مولاه ثم مات منها فلا شئ على القاطع غير أرش اليد، وعتقه كبرء اليد، لأن السراية لو كانت مضمونة على الجانى فأما ان تكون مضمونة عليه للمولى واما أن تكون مضمونة عليه للعبد ولا سبيل الى الأول لأن المولى ليس بمالك له بعد العتق ولا وجه للثانى لما ذكر أن السراية تكون تابعة للجناية، فالجناية لما لم تكن للعبد لا تكون سرايتها مضمونة له ولهذا اذا باعه المولى بعد القطع سقط‍ حكم السراية وليس قطع اليد فى هذا مثل الرمى فى قول أبى حنيفة حيث أوجب عليه بالرمى القيمة وان اعتقه المولى ولم يوجب فى القطع الا أرش اليد لما ذكرنا. أن الرمى سبب الاصالة فصار جانيا به وقت الرمى فأما القطع فليس بموجب للسراية لا محالة (٢).

وان كان قطع يد العبد عمدا فاعتقه مولاه ثم مات العبد ينظر ان كان المولى هو وارثه لا وارث له غيره فله أن يقتل الجانى فى قولهما خلافا لمحمد وان كان له وارث غيره يحجبه عن ميراثه ويدخل معه فى ميراثه فلا قصاص لاشتباه الولى ولو لم يعتقه بعد القطع ولكن دبره أو كانت أمة


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ٣٠٥ الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ هـ‍ - ١٩١٠ م مطبعة الجمالية بمصر.
(٢) المرجع السابق ج ٧ ص ٣٠٥، ٣٠٦ الطبعة السابقة.