للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الرأس - فعند أبى القاسم - لا هاشمة فيها الا أن كانت منقلة، وأما الباضعة - والملطأة والدامية. وما أشبهها وما يستطاع منه القود ففيه القود فى العمد عند مالك والهاشمة فى الرأس مما لا يستطاع منه القود.

روى عن مالك أن فى السن القود وان ثبتت وهو رأى ابن القاسم والاذن عنده مثله يقتص منه.

وفى العين القصاص ان كان يستطاع منه القصاص أقيد والا فالعقل واذا شلت اليد أو الرجل فقد تم عقلهما.

فان كانت الضربة عمدا فشلت اليد أو الرجل ففيهما القود - ويضرب الضارب كما ضرب - يقتص لهذا المضروب من الضارب فان شلت يد الضارب والا كان عقل اليد فى مال الضارب وليس على العاقلة منه شئ.

ولا يمكن الذى له القود من أن يقتص لنفسه، انما يدعى له من يعرف القصاص فيقتص له ولا يمكن المجروح من ذلك. وان أخرج الانثيين عمدا أو رضهما عمدا ففى اخراجهما القصاص، ويرى ابن القاسم أنه ان كان يخاف على الانثيين الرض وكانتا متلفتين فلا قود فيهما (١).

ولو فقأ رجل أعور العين اليمنى عين رجل اليمنى خطأ فعلى عاقلته نصف الدية، وان فقأها عمدا فهى بمنزلة اليد والرجل مثل لو أن رجلا أقطع اليمين قطع يمين رجل أو أقطع الرجل اليمنى قطع رجل رجل اليمنى أنه لا قصاص فيه ولكن فيه الدية.

والعين مثل ذلك. واليد والرجل مما لا اختلاف فيه أنه لا يقتص لليسرى باليمنى ولا باليمنى لليسرى ففى ذلك دليل على أن العين كذلك أيضا لا يقتص عين يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى والأسنان أيضا كذلك ثنية بالثنية والرباعية بالرباعية والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى ولا تقاد سن الا بمثلها سواء فى صفتها ومواضعها لا غير ذلك. ويرجع ذلك الى العقل اذا لم يكن له مثل الذى طرح له فيقتص له منه. وعقل العين خمسمائة دينار فى مال هذا الأعور الجانى (٢).

قال ابن القاسم: سألنا مالكا عن الأعور يفقأ عين الصحيح فقال: ان أحب الصحيح أن يقتص اقتص، وان أحب فله دية عينه. ثم رجع بعد ذلك فقال: ان أحب أن يقتص اقتص وان أحب فله دية عين الأعور ألف دينار. وقوله الآخر أعجب الى وهذا انما هو فى الأعور اذا فقأ عين رجل وعين الأعور الباقية هى مثل تلك العين، تكون عين الأعور اليمنى باقية


(١) المدونة للامام مالك رواية الامام سحنون ابن سعيد التنوخى عن الامام عبد الرحمن بن القاسم ج ٤ ص ٤٣٤ وما بعدها طبعة المطبعة الخيرية سنة ١٣٢٤ هـ‍ على هامشه كتاب المقدمات الممهدات لأبى الوليد محمد بن أحمد ابن رشد.
(٢) نفس المرجع ج ٤ ص ٤٨٦.