للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتفور باللحم فصح أنها كلها رجس، واهراق الصحابة رضى الله تعالى عنهم القدور بها بحضرة النبى صلّى الله عليه وسلم بيان أن ودكها وشحمها وعظمها وكل شئ منها حرام. وروى عن جابر ابن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن فى لحوم الخيل. وأما البغل فقد قال الله تعالى «يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً» (١) وقال تعالى:

«وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ.» (٢) فالبغل حلال بنص القرآن لانه لم يفصل تحريمه (٣).

ولا يحل أكل شئ من الخنزير لا لحمه ولا شحمه ولا جلده ولا عصبه ولا غضروفه ولا حشوته ولا مخه ولا عظمه ولا رأسه ولا أطرافه ولا لبنه ولا شعره سواء كان ذكرا أو انثى صغيرا أو كبيرا لقوله تعالى: «أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً» والضمير فى لغة العرب التى نزل بها القرآن راجع الى أقرب مذكور اليه فصح بالقرآن أن الخنزير بعينه رجس فهو كله رجس وبعض الرجس رجس والرجس حرام واجب اجتنابه فالخنزير كله حرام (٤).

ولا يحل أكل لحوم الناس ولو ذبحوا لان الله تعالى قال: «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ.» (٥) ولأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن يوارى كل ميت من مؤمن أو كافر فمن أكله فلم يواره، ومن لم يواره فقد عصى الله تعالى (٦).

والأرنب حلال لانه لم يفصل لنا تحريمها.

وقد اختلف السلف فيها. لما روينا من طريق وكيع عن عمر أو ابن عمر أنه كره الأرنب وروى أن سعد ابن أبى وقاص أكلها واحتج من كرهها بخبر من طريق وكيع عن عكرمة أن النبى صلّى الله عليه وسلّم أتى بأرنب فقيل له: انها تحيض فكرهها». وروى عن عبد الكريم أبى أمية قال: سأل جرير بن أنس الأسلمى النبى صلّى الله عليه وسلم عن الأرنب فقال: لا آكلها أنبئت أنها تحيض» هذا وقد صح من طريق شعبة عن أنس بن مالك أنه صاد أرنبا فأتى بها أبا طلحة فذبحها وبعث الى النبى صلّى الله عليه وسلّم بوركها وفخذيها فأتيت بها النبى صلى الله عليه وسلم فقبلها. وروى من طريق أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى


(١) الآية رقم ١٦٨ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ١١٩ من سورة الانعام.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٤٧٧ وما بعدها الى ص ٤٨١ مسألة رقم ٩٩٦ نفس الطبعة المتقدمة.
(٤) المحلى للعلامة أبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهرى خ‍ ٧ ص ٤٥٧ وما بعدها الى ص ٤٥٩ طبع مطبعة ادارة الطباعة المنيرية سنة ١٣٥٠ هـ‍ الطبعة الاولى.
(٥) الآية رقم ١٢ من سورة الحجرات.
(٦) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٧ ص ٣٩٨ ص ٣٩٩ مسألة رقم ٩٩٣ الطبعة الأولى.