لأنه يزيل العقل وعليه الفتوى. ومثله ما يخل العقل من غير أن يزيله، والمراد بذلك كله القدر المسكر منه يدل عليه ما فى غاية البيان عن شرح شيخ الاسلام أن أكل قليل السقمونيا والبنج مباح للتداوى وما زاد على ذلك اذا كان يقتل أو يذهب العقل حرام. أى أنه يحرم تناول القدر المضر منها دون القليل النافع، لأن حرمتها ليست لعينها بل لضررها واذا اعتاد الانسان أكل شئ من الجامدات التى لا يحرم القليل النافع منها ويسكر الكثير منها حتى صار يأكل منها القدر المسكر ولا يسكره سواء أسكره فى ابتداء الأمر أولا. ففيه أقوال، قيل:
يحرم عليه استعماله نظرا الى أنه يسكر غيره، وقيل: يحرم نظرا الى أنه قد أسكره قبل اعتياده ويحرم أكل الحشيشة وهو ورق القنب، لأنه مفسد للعقل ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، غير أن حرمة الحشيشة دون حرمة الخمر، فان أكل الشخص شيئا منها فلا حد عليه وان سكر من ذلك لأن الشرع أوجب الحد بالسكر من المشروب لا من المأكول واذا كان لا حد على من أكل الحشيشة فانه يعزر بما دون الحد.
ونقل عن الجامع وغيره أن من قال بحل الحشيشة فهو زنديق مبتدع، وقد أفتى مشايخ الحنفية بأنه حرام وأن باعته يؤدبون حتى قرروا أن من قال بأنه حلال فهو زنديق كما فى المبتغى، بل قال نجم الدين الزاهدى رحمه الله تعالى ان من استحله يكفر ويباح قتله.
قال ابن عابدين: رأينا فى الزواجر لابن حجر ما نصه: وحكى القرافى وابن تيمية الاجماع على تحريم الحشيشة قال:
ومن استحلها فقد كفر. وكذلك يحرم.
والأفيون وهو عصارة الخشخاش - لأنه يكرب ويسقط الشهوتين ويتلف الأغشية ويحرقها لأنه مفسد للعقل حتى يصير للرجل فيه خلاعة وفساد، لكن حرمته كذلك دون حرمة الخمر، فان أكل شيئا من ذلك فلا حد عليه وان سكر منه، بل يعزر بما دون الحد كذا فى الجوهرة وكذا تحرم جوزة الطيب لكن دون حرمة الحشيشة ومثل جوزة الطيب العنبر والزعفران، ومثله زهر القطن فانه قوى التفريح يبلغ الاسكار.
قال صاحب الدر المختار: وفى الأشباه فى قاعدة الأصل الاباحة أو التوقف ويظهر أثره فيما أشكل حاله كالحيوان المشكل أمره والنبات المجهول سمته قلت: فيفهم منه حكم النبات الذى شاع فى زماننا المسمى بالتتن وهو الاباحة على المختار أو التوقف.
وقد كرهه شيخنا العمادى رحمه الله تعالى فى هديته الحاقا له بالثوم والبصل.