للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحى فهو ميت. ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرم ما كانوا يعتادونه فى الجاهلية فانهم كانوا يقطعون بعض لحم الألية من الشاة وربما يقطعون بعض لحم العجز منها فيأكلونه فحرم رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذلك لأن فعل الذكاة لا يتحقق فى المبان مقصودا، وأصل الشاة حية وبدون الذكاة لا يثبت الحل وهذا المعنى موجود هنا، فحكم الذكاة استقر فى الصيد بعد ما مات، وهذا العضو مبان من صيد مات فلا يسرى حكم الذكاة الى ذلك العضو ولا يمكن اثبات حكم الذكاة فى ذلك العضو مقصودا بالابانة كما لو بقى الصيد حيا فلهذا لا يؤكل ذلك العضو وان لم يكن بان ذلك العضو منه أكل كله لأن بقاء الاتصال به يسرى حكم الذكاة الى ذلك العضو فيكون حلالا كغيره، وان كان تعلق منه بجلدة فان كان بمنزلة ما قد بان منه فلا يؤكل، ومراده من ذلك اذا كان بحيث لا يتوهم اتصاله بعلاج فهو والمبان سواء وان كان بحيث يتوهم ذلك فهذا جرح وليس بابانة فيؤكل كله وان قده نصفين فقد استقر فعل الذكاة بقطع الأوداج فلهذا يؤكل كله فان أبان طائفة من رأسه فان كان أقل من النصف لم يؤكل ما بان منه لأن الرأس ليس بمذبح فهو كما لو أبان جزءا من الذنب وان كان النصف أو أكثر أكل لأنه تنقطع الأوداج به فيكون فعله ذكاة بنفسه. ولو ضرب وسمى وقطع ظلفه فان أدماه فلا بأس بأكله وان لم يكن أدماه لم يؤكل لأن تسييل الدم النجس لم يحصل وعلى هذا لو ضرب عنق شاة بسيف فأبانه من قبل الأوداج فانه يؤكل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أند الدم وأفرى الأوداج فكل (١).

وجاء فى بدائع الصنائع أنه ان ضرب رأس صيد فأبانه نصفين طولا أو عرضا يؤكل كله فى قول أبى حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو قول أبى يوسف - رحمه الله تعالى - الأول ثم رجع عنه وقال: لا يؤكل النصف البائن ويؤكل ما بقى من الصيد والأصل فيه أن الأوداج متصلة بالدماغ فتصير مقطوعة بقطع الرأس وكان أبو يوسف رحمه الله تعالى على هذا ثم ظن أنها لا تكون الا فيما يلى البدن من الرأس وان كان المبان أكثر من النصف فكذلك يؤكل الكل لأنه اذا قطع العروق فلم يكن ذلك ذبحا بل كان جرحا وأنه لا يبيح المبان (٢).

وجاء فى الفتاوى الهندية أنه لو ذبح رجل شاة وقطع الحلقوم والأوداج الا أن الحياة فيها باقية فقطع انسان


(١) من كتاب المبسوط‍ لشمس الدين السرخسى ج ١١ ص ٢٥٣، ص ٢٥٤ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٤ هـ‍ طبع الساسى.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٥ ص ٤٥ الطبعة السابقة.