للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الخطاب رحمه الله تعالى:

يأكل من الميتة ولو وجد بيض صيد سليما وميتة فظاهر كلام القاضى يأكل الميتة ولا يكسره لأن كسره جناية لا تجوز له حال الاحرام وجزم به فى المنتهى.

وان لم يجد المحرم المضطر الا صيدا ذبحه وكان ذكيا طاهرا وليس بنجس ولا ميتة فى حقه لاباحته له اذن، ويتعين عليه ذبحه فى محل الذبح وتعتبر شروط‍ الذكاة فيه، وله أن يشبع منه لأنه ذكى لا ميتة ولا يجوز له قتله اذن مع تمكنه من ذكاته كالأهلى المأكول وهو ميتة فى حق غيره فلا يباح الا لمن تباح له الميتة وكذا لو اضطر الى صيد بالحرم.

ولو وجد المضطر ميتتين مختلف فى أحدهما فقط‍ أكلها دون المجمع عليها، لأن المختلف فيها مباحة على قول بعض المسلمين فاذا وجدها كان واجدا للمباح على ذلك القول فتحرم عليه الأخرى، ولأنها أخف وان لم يجد المضطر شيئا مباحا ولا محرما لم يبح له أن يأكل بعض أعضائه لأنه يتلفه لتحصيل ما هو موهوم ومن لم يجد الا طعاما لم يبذله مالكه أو لم يجد الا ما لم يبذله مالكه فان كان صاحبه مضطرا اليه ولو فى المستقبل بأن كان خائفا أن يضطر فصاحبه أحق به لأنه ساواه فى الضرورة وانفرد بالملك.

وليس للمضطر الايثار بالطعام الذى معه فى حال اضطراره لقول الله تعالى:

{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. (١)

ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المضطر طعامه المضطر اليه فان أخذه فمات صاحبه جوعا لزم الآخذ ضمانه، وان لم يكن صاحبه مضطرا اليه لزمه بذله للمضطر بقيمته فان أبى رب الطعام بذله أخذه المضطر بالأسهل من شراء أو استرضاء ولا يجوز قتاله حيث أمكن أخذ بدون قتال لعدم الحاجة اليه كدفع الصائل فان أبى رب الطعام أن يبذله بالأسهل أخذه المضطر قهرا لأنه يستحقه دون مالكه ويعطى المضطر عوضه فان منع رب الطعام المضطر من أخذه فله أن يقاتله على ما يسد رمقه لأنه منعه من الواجب عليه فأشبه ما نعى الزكاة.

فان قتل صاحب الطعام لم يجب ضمانه لأنه ظالم بقتاله أشبه الصائل وان قتل المضطر فعلى صاحب الطعام ضمانه لأنه قتله ظلما.

ويلزم المضطر عوض الطعام فى كل موضع أخذه ولو بذل الطعام ربه للمضطر بثمن مثله لزمه قبوله ولو كان معسرا ولو امتنع المالك للطعام من البيع للمضطر الا بعقد ربا جاز للمضطر أن يأخذه منه قهرا فى ظاهر كلام جماعة لاطلاقهم


(١) الآية ١٩٥ من سورة البقرة.