للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنسه وصالح لأن يصدق عليه وليست دلالته على جميع الأفراد دفعة واحدة، وانما دلالته على ذلك باعتبار شيوع لفظه فى جميع الافراد.

وبهذا الاعتبار يختلف المطلق عن العام، لأن العام انما يتناول افراد الموضوع دفعة واحدة على سبيل الجمع والاستغراق لها.

وهل يحمل المطلق على المقيد أو لا يحمل عليه؟

قال ابن الحاجب (١): اذا ورد مطلق ومقيد فان اختلف حكمهما فلا خلاف فى امتناع حمل أحدهما على الآخر سواء كانا مأمورين أو منهيين أو أحدهما مأمورا والآخر منهيا، وسواء اتحد السبب أو اختلف، لعدم المنافاة فى الجمع بينهما، مثل أطعم فقيرا واكس فقيرا تميميا، الا فى صورة واحدة وهى ما اذا قال مثلا فى كفارة الظهار: اعتقوا رقبة، ثم قال: لا تعتقوا رقبة كافرة فانه لا خلاف فى مثل هذه الصورة أن المقيد يوجب تقييد الرقبة المطلقة بالرقبة المسلمة.

وفى كشف الأسرار (٢) اذا اطلق الحكم ثم ورد بعينه مقيدا فى موضع آخر فلا خلاف أنه يجب الحكم بتقييده لأن التقييد زيادة لا يفيدها الاطلاق كقول الله تبارك وتعالى فى موضع «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ» (٣) الآية.

وقال فى موضع آخر: «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ» (٤).

وكذلك قول الله عز وجل «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ» (٥).

وقوله سبحانه وتعالى «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (٦).

وهكذا ذكر فى عامة نسخ أصحابنا وعامة نسخ أصحاب الشافعى من القواطع والمستصفى والمحصول وغيرها.

فتبين أن الحمل فى حكم واحد فى حادثة واحدة واجب.

وفى ذلك تفصيل كثير من حيث اختلاف الحكم، أو عدم اختلافه، واتحاد السبب أو اختلافه، وكون اللفظ‍ دالا على الاثبات أو النفى وينظر ذلك فى مصطلح مطلق ومقيد.

والاطلاق (٧) يكون فى الأمر الذى هو طلب الفعل.


(١) الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى ج ٣ ص ٣ الطبعة السابقة.
(٢) انظر من كتاب الجلد الثانى من كتاب كشف الاسرار لعبد العزيز البخارى على أصول الامام فخر الاسلام أبى الحسن على بن محمد ابن حسين البزدوى ج ٢ ص ٢٩٠ طبع مطبعة الصنايع لحسن حلمى البزدوى سنة ١٣٠٧ هـ‍ بمصر.
(٣) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء.
(٤) الآية رقم ٦ من سورة المائدة.
(٥) الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٦) الآية رقم ١٤٥ من سورة الانعام.
(٧) مرآة الاصول فى علم الاصول ج ١ ص ٣٩ طبع مطبعة.