للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نسى صلاة أو نام عنها فليصلها اذا ذكرها) والناسى هو الذى علم الشئ ثم نسيه وبعض الصلاة صلاة بنص حكم اللغة والضرورة.

وهكذا الحكم فيمن نسى الطهارة أو بعض أعضائه أو فى ستر عورته فان ابتدأ صلاته كذلك أعادها أبدا.

وصح أن العامد لا يقدر على الصلاة الا فى وقتها، وكل ما ذكرنا فى ذلك سواء.

وأما الجاهل وهو الذى لا يعلم الشئ الا فى صلاته أو بعدها كمن كان فى ثيابه أو فى بدنه أو فى مكانه شئ فرض اجتنابه لم يعلم به فانه يعيد كل ما صلى كذلك فى الوقت كذلك.

وكذلك من انكشفت عورته وهو لا يرى وكذلك من جهل فرضا من فروض طهارته أو صلاته ثم علمها فان هؤلاء لا اعادة عليهم الا فى الوقت فقط‍ لا بعد الوقت.

برهان ذلك أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا فى أرض الحبشة وغيرها والفرائض تنزل كتحويل القبلة والزيادة فى عددها وغير ذلك فلم يأمرهم عليه الصلاة والسّلام باعادة شئ من ذلك اذ بلغه ذلك وأمر الذى رآه لم يتم صلاته أن يعيدها.

فصح بذلك أن يأتى بما جهل من كل ما ذكرنا اذا علمه ما دام الوقت قائما فقط‍.

وأما المكره والعاجز لعلة أو ضرورة فانه فى كل ما ذكرنا ان زال الاكراه أو الضرورة بعد الصلاة فقد تمت صلاته.

لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».

وان زال ذلك فى الصلاة بنى على ما مضى من صلاته فأتمها كما يقدر واعتد بما عمل منها قبل أن يقدر، ولا سجود سهو فى ذلك.

برهان ذلك ما ذكرناه قبل: ان كان عمل مأمور به فهو جائز كثر أو قل، وازالة ما افترض على المرء اجتنابه فى الصلاة مأمور به فيها فهو جائز فى الصلاة.

وأما قولنا: وان بقى عريانا، فلأنه قد اجتمع عليه فرضان أحدهما ستر العورة والثانى اجتناب ما أمر باجتنابه ولا بد له من أحدهما فان صلى غير مجتنب لما أمر باجتنابه فقد تعمد فى صلاته عملا محرما عليه، فلم يصل كما أمر، فلا صلاة له.

واذا لم يجد ثوبا أمر بالاستتار بمثله فهو غير قادر على الاستتار ولا حرج على المرء فيما لا يقدر عليه.

قال الله تبارك وتعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (١).

وقال عز وجل: «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ». (٢).

وليس المرء مضطرا الى لباس ثوب يقدر على خلعه ولا الى البقاء فى مكان يقدر على


(١) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٢) الآية رقم ١١٩ من سورة الانعام.