للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ما روى من أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعاد صلاة الجنازة حين مر بقبر جديد فسأل عنه، فقيل: قبر فلانة، فقال: هلا آذنتمونى بالصلاة عليها، فقيل:

أنها دفنت ليلا فخشينا عليك هو ام الأرض، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

اذا مات انسان فآذنونى فان صلاتى عليه رحمة وقام وجعل القبر بينه وبين القبلة وصلى عليه.

فان النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم انما أعاد لأن ولاية الصلاة كانت له، فانه كان صلى الله عليه وآله وسلّم أولى الأولياء لقول الله تبارك وتعالى (١): «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»}.

وروى عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا يصلى على موتاكم غيرى ما دمت بين أظهركم فلم يسقط‍ الفرض بأداء غيره.

وهذا أيضا هو تأويل ما حدث من الصحابة حين صلوا على النبى صلّى الله عليه وآله وسلم جماعة بعد جماعة.

فان الولاية كانت لأبى بكر رضى الله تعالى عنه لأنه هو الخليفة الا أنه كان مشغولا بتسوية الأمور وتسكين الفتنة فكانوا يصلون على النبى صلّى الله عليه وآله وسلم، قبل حضوره، فلما فرغ صلى عليه ثم لم يصل بعد ذلك عليه.

وعلى هذا قال أصحابنا لا يصلى على ميت غائب.

ولا يحتج بصلاة النبى صلّى الله عليه وآله وسلّم على النجاشى لأنه يحتمل أنه كان دعاء لأن الصلاة تذكر ويراد بها الدعاء.

وشروط‍ صحة صلاة الجنازة (٢):

الطهارة الحقيقية والحكمية واستقبال القبلة وستر العورة والنية.

حتى أنهم لو صلوا على جنازة والامام غير طاهر فعليهم اعادتها لأن صلاة الامام غير جائزة لعدم الطهارة فكذا صلاتهم لأنها بناء على صلاته.

ولو كان الامام على الطهارة والقوم على غير طهارة جازت صلاة الامام ولم يكن عليهم اعادتها لأن حق الميت تأدى بصلاة الامام.

دلت المسألة على أن الجماعة ليست بشرط‍ فى هذه الصلاة.

ولو تحروا على جنازة وأخطئوا القبلة جازت صلاتهم لأن المكتوبة تجوز فهذه أولى.

وان تعمدوا خلافها لم تجز، كما فى اعتبار شرط‍ القبلة لأنه لا يسقط‍ حالة الاختيار كما فى سائر الصلوات.

ولو صلى راكبا أو قاعدا من غير عذر لم تجزهم استحسانا.


(١) الآية رقم ٦ من سورة الاحزاب
(٢) بدائع الصنائع ج ١ ص ٣٥١ الطبعة السابقة