للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو استعار دابة مطلقا بلا تقدير زمن ولا مسافة فله الانتفاع الى الرجوع ويتركه بالليل على الاصح.

ويجوز له الذهاب والعود فى أى طريق أراده اذا تعددت الطرق ولو أختلفت، لأن سكوت المعير عن ذلك رضا منه بكلها.

ولو أعاره دابة ليركبها لمحل كذا ولم يتعرض للركوب فى رجوعه جاز له الركوب فيه، لأن ردها لازم عليه فيتناول الاذن الركوب فى عوده عرفا.

ولو جاوز المستعير المكان بالدابة التى استعارها ليركبها اليه لزمه أجرة مثل الذهاب منه والعود اليه، لتعديه وله الرجوع منه راكبا على الاصح بناء على أن الاعارة لا تبطل بالمخالفة.

وان تلفت الدابة أو جزء منها بالاستعمال حال المجاوزة فالاصح أنه يلزم المستعير ضمانه.

وان أعاره أرضا لزراعة شئ معين فللمستعير زرعه وزرع مثله وما دونه فى ضرر الأرض، الا أن ينهاه المعير عن زراعة غير ما عينه فلا يزرع غيره وان كان مثله أو أقل منه اتباعا لنهيه، وحيث زرع المستعير ما ليس له زرعه صار متعديا فللمعير قلعه مجانا، والاعارة باقية فللمستعير زرع ما أبيح له بعد قلع الأول.

فان مضت مدة لمثلها أجرة لزمه جميع أجرة المثل على المعتمد.

وقيل: يلزمه أجرة المثل فيما بين زراعة ما له زراعته وما ليس له زراعته.

وليس للمستعير أن يغرس أو يبنى فى الارض المستعارة للزراعة اتفاقا، لأن الغرس والبناء ليسا من نوع الزرع وضررهما أكثر ويقصد بهما الدوام.

وان استعار الارض للغرس أو البناء كان له أن يزرع وان لم يكن الزرع من نوعهما لأن ضرره للأرض أخف الا أن ينهاه عن الزرع فلا يفعل.

والصحيح أنه اذا استعار الأرض للبناء فقط‍ لم يكن له أن يغرس فيها وكذا العكس، لاختلاف جنس الضرر فان ضرر البناء فى ظاهر الأرض فى أكثر من باطنها وضرر الغرس باطنها أكثر لانتشار عروقه. وقيل: يكون له ذلك لأن كلا من الغرس والبناء للتأبيد وما يغرس للنقل فى عامه يسمى الشتل كالزرع فى كل ما مر ذكره من أحكامه

واذا أستعار لواحد مما ذكره ففعله ثم قلعه ولم يكن قد صرح له بالتجديد مرة بعد أخرى لم يجز له فعل نظيره ولا اعارته مرة ثانية الا باذن جديد (١).

ولا تصح اعارة المستعير للعين المعارة له بغير اذن المعير على الصحيح لأنه غير مالك للمنفعة وانما أبيح له الانتفاع والمستبيح لا يملك نقل الاباحة بدليل أن الضيف لا يبيح لغيره ما قدم له فان اذن له المعير صحت


(١) أسنى المطالب وحاشية الرملى عليه ج ٢ ص ٣٣٠ - ٣٣١، نهاية المحتاج ج ٥ ص ١٢٧ - ١٢٨ وحاشية القليوبى على شرح المحلى ج ٣ ص ٢١ ومغنى المحتاج ج ٢ ص ٢٦٨، ٢٦٩