للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشرب فهذا يبيحه الاكراه لأن الاكراه ضرورة فمن أكره على شئ من هذا فلا شئ عليه لأنه أتى مباحا له اتيانه.

والثانى: ما لا تبيحه الضرورة كالقتل والجراح والضرب وافساد المال فهذا لا يبيحه الاكراه فمن أكره على شئ من ذلك لزمه القود والضمان لأنه أتى محرما عليه اتيانه والاكراه هو كل ما سمى فى اللغة اكراها وعرف بالحس انه اكراه كالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه انفاذ ما توعد به والوعيد بالضرب كذلك او الوعيد بالسجن كذلك أو الوعيد بافساد المال كذلك او الوعيد فى مسلم غيره بقتل أو ضرب او سجن او افساد مال لقول رسول الله تعالى صلّى الله عليه وسلّم:

«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه (١).

فمن أكره على شرب الخمر أو أكل الخنزير أو الميتة أو الدم أو بعض المحرمات أو أكل مال مسلم أو ذمى فمباح له أن يأكل ويشرب ولا شئ عليه لأحد ولا ضمان لقول الله عز وجل.

«وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم اليه» (٢).

وقوله عز وجل:

«فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» (٣).

ولقوله سبحانه وتعالى:

«فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ» (٤).

فان كان المكره على أكل مال مسلم له مال حاضر فعليه قيمة ما أكل لأن هذا هو حكم المضطر.

فان لم يكن له مال حاضر فلا شئ عليه فيما أكل لما ذكرنا (٥).

ولو امسكت امرأة حتى زنى بها أو أمسك رجل فادخل احليله فى فرج امرأة فلا شئ عليه ولا عليها سواء انتشر أو لم ينتشر، أمنى أو لم يمن، أنزلت هى أو لم تنزل لأنهما لم يفعلا شيئا اصلا.

والانتشار والامناء فعل الطبيعة الذى خلقه الله تعالى فى المرء سواء أحب أم كره لا اختيار له فى ذلك (٦).

ولا يجوز طلاق المكره لما روينا من طريق حماد بن سلمة حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحى حدثنى أبى ان رجلا تدلى بحبل ليشتار عسلا فحلفت له امرأته لتقطعن الحبل أو ليطلقنها ثلاثا فطلقها ثلاثا فلما خرج أتى


(١) المحلى لأبى محمد على بن احمد بن سعيد بن حزم ج ٨ ص ٣٢٩، ٣٣٠ مسئلة رقم ١٤٠٣ طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٠ هـ‍.
(٢) الآية رقم ١١٩ من سورة الأنعام.
(٣) الآية رقم ١٧٣ من سورة البقرة.
(٤) الآية رقم ٣ من سورة المائدة.
(٥) المرجع السابق ج ٨ ص ٣٣٠ مسئلة رقم ١٤٠٤ نفس الطبعة.
(٦) المرجع السابق ج ٨ ص ٣٣١ مسئلة رقم ١٤٠٥ نفس الطبعة.