وفقهاء الحنفية يعبرون بالفقر بدل الاعسار.
اما ان كان الشخص يملك نصابا تجب فيه الزكاة ثم أعسر فى خلال الحول بأن هلك النصاب كله أو ضاع أو استهلكه مالكه فان ذلك يقطع حكم الحول. حتى لو استفاد فى ذلك الحول نصابا آخر فانه يستأنف له حولا جديدا، لأن النصاب الهالك لم يحل عليه الحول وكذا النصاب المستفاد بعد هلاك الأول كله.
وهذا بخلاف ما اذا أعسر فى خلال الحول لهلاك بعض النصاب أو استهلاكه أو ضياعه ثم استفاد قبل فراغ الحول ما يكمل به النصاب فانه تجب عليه الزكاة حتى لو كان الباقى من النصاب درهما واحدا لأنه يشق اعتبار كمال النصاب فى خلال الحول وقال زفر: لا تلزمه الزكاة لأن شرط وجوب الزكاة عنده تحقق اليسار وكماله من أول الحول الى آخره (١)
وان أعسر الشخص بضياع المال أو هلاكه بدون استهلاك أو تعد منه وكان ذلك بعد الحول وبعد وجوب الزكاة عليه سفطت عنه ولا تبقى دينا فى ذمته سواء تمكن من أدائها قبل الاعسار أم لا، لأنه لا يمكن مؤاخذته بأصل الواجب عليه لأن محله النصاب والحق لا يبقى بعد فوات محله وكذلك لا يمكن مؤاخذته بضمانه لأن وجوب الضمان يستدعى تفويت ملك أو يد كما فى سائر الضمانات وهو بالتأخير عن أول أوقات الامكان حتى أعسر لم يفوت على الفقير ملكا ولا يدا لأن المستحق فقبر يعينه هو لا فقير يطلب بنفسه فلا يضمن.
وان طالبه الساعى بأداء الزكاة فامتنع من الأداء حتى أعسر بسبب هلاك النصاب بأى وجه من الوجوه بدون تعد أو استهلاك منه، قال الكرخى ومشايخ المذهب من العراقيين:
لا تسقط عنه الزكاة ويضمنها لأنها أمانة طالبه بها من هو متعين للأخذ ويملك المطالبة فيلزمه الأداء عند طلبه فيصير بالامتناع متعديا فيضمن.
وقال مشايخ المذهب بما وراء النهر:
تسقط عنه الزكاة ولا يضمنها وهو الأصح لأن الساعى وان كان متعينا لأخذ الزكاة لكن للمالك رأى فى اختيار محل الأداء بين العين والقيمة ثم القيمة شائعة فى محال كثيرة والرأى يستدعى زمانا فلا يصير ضامنا بالامتناع لأجل ذلك.
وهذا كله ان أعسر لضياع المال أو هلاكه بدون استهلاك أو تعد منه.
أما ان استهلكه فانه يضمن زكاته لأنه قد وجد منه التعدى بالاتلاف على محل مشغول بحق الغير فجعل المحل وهو النصاب - قائما زجرا له عن التعدى ونظرا لصاحب الحق فى الزكاة وهو الفقير، اذ لو لم يجعل كذلك لما وصل الى الفقير شئ لأن كل من وجبت عليه
(١) البدائع ج ٢ ص ١٥ الطبعة الاولى سنة ١٣٢٧ هـ، حاشية ابن عابدين ج ٢ ص ٣٠٢ الطبعة الثانية مطبعة الحلبى سنة ١٣٨٦ هـ، ١٩٦٦ م، فتح القدير والعناية والهداية ج ١ ص ٥٢٨ طبعة مصطفى محمد