للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: يتحقق فيمن لا شئ له.

وان تنازع الزوجان فى الاعسار واليسار بأن ادعت يساره ليفرض القاضى لها نفقة الموسرين، أو ادعت أنه كان موسرا بالنسبة لنفقة ماضية وأنكر الزوج ذلك وادعى الاعسار فالقول قولها بيمينها ان عرف له مال، لأن الأصل بقاؤه. وان لم يعرف له مال ولم يكن أقر بيساره فالقول قوله فى اعساره بيمينه لأنه منكر والأصل عدم المال. والمطلقة طلاقا رجعيا والمبانة من زوجها بفسخ أو طلاق ان كانت حاملا كالزوجة فى وجوب كل ما ذكر على مطلقها ولو مع اعساره على التفصيل المذكور (١).

وأما أثر الاعسار فى وقوع الفرقة بين الزوجين فانه اذا أعسر الزوج بنفقة المعسر لزوجته أو أعسر ببعضها فان الزوجة يثبت لها الخيار على التراخى بين امرين:

الأول: أن تصبر على اعساره وتقيم معه على النكاح وتكون نفقتها دينا فى ذمته ما لم تمنع نفسها ولها المقام على النكاح ومنعه من نفسها فلا يلزمها تمكينه ولا الاقامة فى منزله وعليه أن لا يحبسها بل يدعها تكتسب ولو كانت موسرة، لأنه لم يسلم اليها عوض الاستمتاع.

الثانى: أن تفسخ النكاح بينهما ولو بعد اختيارها المقام معه، أو رضاها باعساره أو تزوجته عالمة باعساره على ما سيأتى.

وقال ابن القيم: «الذى تقتضيه أصول الشريعة وقواعدها فى هذه المسألة أن الرجل اذا غر المرأة بأنه ذو مال فتزوجته على ذلك فظهر معدما لا شئ له فلها الفسخ. وان تزوجته عالمة باعساره أو كان موسرا ثم اصابته جائحة ذهبت بماله فلا فسخ لها فى ذلك ولم يزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم ترفعهم أزواجهم الى القضاة ليفرقوا بينهم وبينهن.

وقد جعل الله الفقر والغنى مطيتين للعباد فيفتقر الرجل الوقت ويستغنى الوقت فلو كان من افتقر فسخت عليه امرأته لعم البلاء وتفاقم الشر وفسخت أنكحة أكثر العالم وكان الفراق بيد أكثر النساء فمن الذى لم تصبه عسرة ويعوز النفقة أحيانا؟

وان أعسر الزوج بالكسوة فللزوجة حق طلب الفسخ، لأنه لا بد منها ولا يمكن الصبر عنها ولا يقوم البدن بدونها كالنفقة أما أن أعسر بأجرة المسكن ففيه وجهان:

(احدهما): يثبت لها حق الفسخ لأنه مما لا بد منه كالنفقة والكسوة.

(والثانى): لا يثبت لها هذا الحق لأن البينة تقوم بدونه وهذا الوجه هو الذى ذكره القاضى. وان أعسر الزوج بنفقة الخادم فلا فسخ لها، لأنه يمكن الصبر عنها وكذلك ان أعسر بالأدم أو أعسر بما زاد على نفقة المعسر فلا فسخ لها، لأن الزيادة تسقط‍ باعساره ويمكن الصبر عنها.

وكذلك ان أعسر بالنفقة الماضية فلا فسخ ويثبت كل ذلك دينا فى ذمة الزوج.

لأنه نفقة تجب على سبيل العوض فتثبت فى


(١) المغنى والشرح الكبير ج ٩ ص ٢٣٠ - ٢٤٠، ٢٥٣، كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ٣ ص ٣٩٧ - ٣٠٩، ٣٤٧ - ٣٥١