للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقول الله عز وجل «وَلا تَعْضُلُوهُنَّ ١ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»

فإن طلقها فى هذه الحال على عوض لم يستحق عوض، لأنه عقد معاوضة أكرهت عليه بغير حق فلم يستحق فيه العوض كالبيع

فان كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها، لأن الرجعة انما تسقط‍ بالعوض، وقد سقط‍ العوض فتثبت الرجعة فيه.

فإن زنت فمنعها حقها لتخالعه على شئ من مالها ففيه قولان:

أحدهما يجوز ويستحق فيه العوض

لقول الله سبحانه وتعالى «إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»

فدل على أنها اذا أتت بفاحشة مبينة جاز عضلها ليأخذ شيئا من مالها

والثانى لا يجوز ولا يستحق فيه العوض، لأنه خلع أكرهت عليه بمنع الحق، فأشبه اذا منعها حقها لتخالعه من غير زنا.

فأما الآية فقد قيل أنها منسوخة بآية الامساك فى البيوت

وهى قول الله تبارك وتعالى «فَأَمْسِكُوهُنَّ ٢ فِي الْبُيُوتِ حَتّى يَتَوَفّاهُنَّ الْمَوْتُ»

ثم نسخ ذلك بالجلد والرجم

ولأنه روى عن قتادة أنه فسر الفاحشة بالنشوز فعلى هذا اذا كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها.

ولا يجوز للأب أن يطلق امرأة الابن الصغير بعوض وغير عوض لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه قال: «إنما الطلاق بيد الذى يحل له الفرج، ولأن طريقه الشهوة، فلم يدخل فى الولاية

ولا يجوز أن يخلع البنت الصغيرة من الزوج بشئ من مالها، لأنه يسقط‍ بذلك حقها من المهر والنفقة والاستمتاع

فان خالعها بشئ من مالها لم يستحق ذلك.

وإن كان بعد الدخول فله أن يراجعها لما ذكرناه

ومن الأصحاب من قال: اذا قلنا الذى بيده عقدة النكاح هو الولى فله أن يخالعها بالإبراء من نصف مهرها.

وهذا خطأ، لأنه إنما يملك الإبراء على هذا القول بعد الطلاق، وهذا الإبراء قبل الطلاق.

ولا يجوز للسفيهة أن تخالع بشئ من مالها، لأنها ليست من أهل التصرف فى مالها فان طلقها على شئ من مالها لم يستحق ذلك كما لا يستحق ثمن ما باع منها.

فان كان بعد الدخول فله أن يراجعها لما ذكرناه

ويجوز للأمة أن تخالع زوجها على عوض فى ذمتها

ويجب دفع العوض من حيث يجب دفع المهر فى نكاح العبيد، لأن العوض فى الخلع كالمهر فى النكاح، فوجب من حيث يجب المهر

ويصح الخلع من غير الزوجة وهو أن يقول


(١) الآية رقم ١٩ من سورة النساء
(٢) الآية رقم ١٥ من سورة النساء.