للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حمل كلام أبى طالب على أنه لا مصلحة للمسلمين فى ذلك.

وكلام أهل المذهب حيث المصلحة حاصلة جمعا بين الكلامين، وهذا أقرب والله أعلم.

وقيل يحرم أيضا رد الأسير من المشركين بالمن عليه أو مفاداته بعوض، ذكر ذلك أبو طالب والقاضى زيد.

قال مولانا عليه السلام والصحيح خلاف ذلك وهو أنه يجوز رده الا لمصلحة وهو خاص فى الأسير، لفعله صلى الله عليه وآله وسلم.

وجاء فى التاج (١) المذهب أنه يجوز أن يغتنم المسلمون من الكفار المحاربين نفوسهم من الذكور والأناث الصغار والكبار إذا قهروا وكان الاستيلاء عليهم وأسروا فى الحرب فإنهم يصيرون بذلك سبيا فى أيدى المسلمين يملكونهم إذا أمر الامام بالاسترقاق وذلك بعد أن يثبت عنده بمشاورة أهل الحل والعقد من ذوى الرأى أن المصلحة فيه أرجح.

وكذا أم ولد المسلم وكذا أم ولد الذمى اذا كان قد استولى عليها المشركون ثم أسلم من هى فى يده فى دار الحرب فإنه لا يستقر ملكه عليها باسلامه فيردها، لكن لا يجب عليه ردها بلا عوض بل بالفداء يسلمه له سيدها الأول، وله حبسها حتى يستوفى الفداء، ويعان من بيت المال ان لم يكن له شئ

فان لم يكن فى بيت المال شئ سلمت له أم الولد بقى فداؤها دينا فى ذمة مستولدها ولا سعاية هنا عليها، لأنه لم ينفذ عتقها ولا حصل منها جناية توجب السعاية.

والمدبر الذى دبره المسلم ثم استولى عليه كافر فى دار الحرب ثم أسلم ذلك الكافر، فإنه لا يحصن المدبر بإسلامه عن أن يرده بل يجب عليه رده لمدبره من المسلمين بالفداء كأم الولد سواء بسواء، وأم الولد والمدبر يعتقان معا فى يد المشرك بموت السيد الأول وهو المستولد والمدبر.

وسواء مات قبل إسلام الثانى أم بعده، ولا يلزمه فداؤهما، ولا سعاية عليهما لو مات قبل إسلام الحربى الذى صار فى يده لأنه لم يكن قد لزمه الفداء له، وأما المكاتب الذى كاتبه مسلم ثم استولى عليه كافر فإن الكافر اذا أسلم لم يلزمه رده لمكاتبه المسلم بفداء ولا غيره، ولا ينقض عقد المكاتبة، لكنه يعتق بالوفاء بمال الكتابة يدفعه للآخر، أى لسيده الكافر، لأنه قد ملكه فإن عجز نفسه ملكه الكافر. وأعتقت أم الولد أو المدبر أو المكاتب الذى استولى عليهم الكافر. ووجب أن يكون ولاؤهم للأول من السيدين وهو المسلم أصالة، لأن حريتهم وقعت من جهته إلا أن ينجز عتقهم الآخر كان الولاء له إذا كان قبل الإسلام فى غير المكاتب، وأما هو فيعتق مطلقا، سواء أعتقه قبل الإسلام أو بعده، والوجه فيه أن عقد الكتابة لم ينفسخ.


(١) التاج المذهب لأحكام المذهب شرح متن الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار للقاضى العلامة أحمد بن قاسم العنسى اليمانى الصنعانى ج ٤ ص ٤٣٤، ٤٣٥، ٤٤٣ وما بعدها الطبعة الأولى طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية سنة ١٣٦٦ هـ‍.