للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القارن والمتمتع، لأنه بمنزلة المفرد من المركب.

ثم قال صاحب الدر من شاء الإحرام بالحج مفردا توضأ وغسله أحب ولبس إزارا ورداء، ثم يطيب بدنه، ويقول بلسانه مطابقا لقلبه: اللهم إنى أريد الحج فيسره لى وتقبله منى، لقول سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما الصلاة والسلام:

«رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا» (١)، ثم يلبى دبر صلاته ناويا بالتلبية الحج. وهذا بيان للأكمل. وإلا فيصح الحج بمطلق النية ولو بقلبه، لأن ذكر ما يحرم به من الحج أو العمرة باللسان ليس بشرط‍.

لكن يشرط‍ مقارنتها بذكر يقصد به التعظيم كتسبيح وتهليل، ولو بالفارسية وإن أحسن بالعربية. بخلاف الصلاة.

والتلبية أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، أن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك ويزيد ندبّا فيها ولا ينقص عنها فإنه مكروه تحريما. ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية ثم يخفضه. ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم.

ثم يدعو بما شاء. وتكرارها سنة فى المجلس الأول. وكذا فى غيره. وعند تغيير الحالات مستحب مؤكدا. والإكثار مطلقا مندوب.

ويستحب أن يكررها كلما شرع فيها ثلاثا على الولاء. ولا يقطعها بكلام.

وإذا لبى ناويا نسكا فقد أحرم. ثم يجتنب ما يحظر على المحرم من قتل صيد ورفث وفسوق وجدال حتى يدخل مكة ويطوف ويسعى.

قال فى البدائع (٢): من أحرم ودخل مكة وطاف وسعى فإن كان محرما مفردا أى محرما بالحج فقط‍ فإنه يقيم على إحرامه ولا يتحلل، لأن أفعال الحج باقية عليه فلا يجوز له التحلل إلى يوم النحر.

ومن الناس من قال: يجوز له أن يفتتح إحرام الحج بفعل العمرة وهو الطواف والسعى والتحلل منهما بالحلق أو التقصير. لما روى عن جابر رضى الله تعالى عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا أهلوا بالحج مفردين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت والسعى بين الصفا والمروة وقصروا، ثم أقيموا حلالا، حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج. وأجيب بأن ذلك كان ثم نسخ. وعن أبى ذر رضى الله تعالى عنه أنه قال: أشهد أن فسخ الإحرام كان خاصّا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإذا فرغ المفرد (٣) بالحج من السعى يقيم على إحرامه ويطوف طواف التطوع ماشيا إلى يوم التروية، لأن الطواف خير موضوع كالصلاة فمن شاء استقل، ومن شاء استكثر.

وطواف التطوع أفضل من صلاة التطوع للغرباء. وأما لأهل مكة فالصلاة أفضل، لأن


(١) الآية رقم ١٢٧ من سورة البقرة.
(٢) كتاب بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر مسعود الكاسانى ج ٢ ص ١٤٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق لابن مسعود الكاسانى ج ٢ ص ١٥٠ وما بعدها الطبعة السابقة.