للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المكاتب أو أم الولد وباعهما صفقة واحدة كذا هذا.

ولأبى حنيفة رحمه الله تعالى أن الصفقة واحدة وقد فسد فى أحدهما فلا تصح فى الآخر، بخلاف الجمع بين العبد والمدبر، لأن هناك الصفقة ما فسدت فى أحدهما بيقين، بل بالاجتهاد الذى يحتمل الصواب والخطأ فاعتبر هذا الاحتمال فى تصحيح الإضافة إلى المدبر، ليظهر فى حق القن إن لم يمكن إظهاره فى حقه، ولأنه لما جمع بينهما فى الصفقة فقد جعل قبول العقد فى أحدهما شرط‍ القبول فى الآخر.

بدليل أنه لو قبل العقد فى أحدهما دون الآخر لا يصح. والخر لا يحتمل قبول العقد فيه، فلا يصح القبول فى الآخر.

بخلاف المدبر، لأنه محل لقبول العقد فيه فى الجملة تصح قبول العقد فيه إلا أنه تعذر إظهاره فيه بنوع اجتهاد فيجب إظهاره فى القن ولأن فى تصحيح العقد فى أحدهما تفريق الصفقة على البائع.

قبل التمام، لأنه أوجب البيع فيهما فالقبول فى أحدهما يكون تفريقا وهذا لا يجوز (١).

ويجوز (٢) أن يبيع الثمرة ويستثنى منها أرطالا معلومة والبيع والاستثناء صحيح لأن ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه منه وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه.

بخلاف استثناء الحمل من الجارية الحامل أو الشاة وأطراف الحيوان فإنه غير جائز.

كما إذا باع هذه الشاة إلا إليتها أو باع هذا العبد إلا يده. وهذا هو المفهوم من ظاهر الرواية.

وروى الحسن عن أبى حنيفة رضى الله تعالى أنه لا يجوز. وهو أقيس بمذهب الإمام فى مسألة بيع صبرة طعام كل قفيز بدرهم، فإنه أفسد البيع بجهالة قدر المبيع وقت العقد، وهو لازم فى استثناء أرطال معلومة مما على الأشجار. وإن لم تفض إلى المنازعة.

فالحاصل (٣) أن كل جهالة تفضى إلى المنازعة مبطلة فليس يلزم أن ما لا يفضى إليها يصح معها بل لا بد من عدم الإفضاء إليها فى الصحة مع كون المبيع على حدود الشرع.

ألا ترى أن المتابعين قد يتراضيان على شرط‍ لا يقتضيه العقد وعلى البيع بأجل مجهول كقدوم الحاج ونحوه ولا يعتبر ذلك مصححا كذا فى فتح القدير.

وفى المعراج وقيل رواية الحسن والطحاوى رحمه الله تعالى محمولة على ما إذا لم يكن الثمن منتفعا به لأنه ربما يصيبه آفة وليس فيه إلا قدر المستثنى فيتطرق فيه الغرر ومحل الاختلاف ما إذا استثنى معينا فإن استثنى جزء كربع وثلث فإنه صحيح اتفاقا كذا فى البدائع.

ولذا قال فى الكتاب أرطالا معلومة مقيد بقوله


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٥ ص ١٤٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) البحر الرائق لابن نجيم ج ٥ ص ٣٢٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج ٥ ص ٣٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.