للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ» (١).

وقبله جناية على المبيع قبل القبض فإن كان من المشترى منع رده بالعيب واستقر عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها فإن قبضها لزمه الثمن بكماله وإن تلفت قبل قبضها لزمه قدر النقص من الثمن أو من غيره، وأجاز هو البيع فله الرد بالعيب كذا قاله الشارح. وهو محمول على ما إذا لم يطلع عليه إلا بعد إجازته.

ثم إن كان زوالها من البائع أو بآفة أو بزواج سابق فهدر أو من أجنبى فعليه الأرش أن زالت بلا وط‍ ء أو بوط‍ ء زنا منها وإلا لزمه مهر مثلها بكرا بلا إفراد أرش وهو للمشترى.

نعم إن رد بالعيب سقط‍ منه قدر الأرش.

وفرق بين وجوب مهر بكر هنا ومهر ثيب وأرش بكارة فى الغصب والديات، ومهر بكر وأرش بكارة فى المبيعة بيعا فاسدا بأن ملك المالك هنا ضعيف فلا يحتمل شيئين بخلافه ولهذا لم يفرقوا بين الحرة والأمة وبأن البيع الفاسد وجد فيه عقد اختلف فى حصول الملك به كما فى النكاح الفاسد بخلافه فيما مر، وضابط‍ القسم الثانى: أنه لو تلف (٢) قبل القبض بعض من المبيع تقبل الإفراد بالعقد أى إيراد العقد عليه وحده.

من ذلك ما لو باع عبديه مثلا فتلف أحدهما أو كان دارا فتلف سقفها قبل قبضه فينفسخ العقد فيه وتستمر صحته فى الباقى بقسطه من المسمى إذا وزع على قيمته وقيمة التالف وظاهر كلامهم اعتبار المثلى فى هذا الفصل متقوما حتى تعرف نسبة ما يخصه من الثمن وهو غير بعيد. لكن الأرجح كما جزم به ابن المقرى توزيع الثمن فى المثلى أى المتفق القيمة وفى العين المشتركة على الأجزاء وفى المتقومات على الرءوس باعتبار القيمة، وإنما لم ينفسخ فى الآخر وإن لم يقبضه على المذهب مع جهالة الثمن، لأنها طارئة فلم تضر كما لا يضر سقوط‍ بعضه لأرش العيب.

والطريق الثانى: أنه يتخرج على القولين فيما لو باع ما يملكه وما لا يملكه تسوية بين الفساد المقرون بالعقد والفساد الطارئ قبل القبض وفى. معنى ذلك ما لو باع عصيرا فصار بعضه خمرا قبل قبضه قاله الدارمى. وخرج بتلف ما يفرد بالعقد سقوط‍ يد المبيع وعمى عينيه واضطراب سقف الدار ونحوهما، مما لا يفرد بالعقد ففواتها لا يوجب الانفساخ بل الخيار ليرضى بالمبيع بكل الثمن أو يفسخ ويسترد الثمن بخلاف الأول. فإن تلف بعض ما يقبل الإفراد بالعقد وإن أوجب الانفساخ فيه لا يوجب الإجازة بكل الثمن بل يتخير المشترى فورا، كما مر بين فسخ العقد والإجازة لتبعيض الصفقة عليه. فإن أجاز فبالحصة كنظير ما مر قطعا كما فى المحرر، وفى الروضة كالشرح عن أبى إسحاق رحمه الله تعالى طرد القولين فيه:

أحدهما: بجميع الثمن وضعف بالفرق بين ما اقترن بالعقد وبين ما حدث بعد صحة العقد مع


(١) الآية رقم ٧ من سورة البقرة.
(٢) نهاية المحتاج لشرح المنهاج لابن شهاب الدين الرملى وحاشية الشبراملسى عليه ج ٣ ص ٤٦١ وما بعدها الطبعة السابقة.