والاستثناء، لأن اسم الجارية لا يتناول الحمل لفظا، ولكنه يستحق بالإطلاق تبعا.
فإذا أفرد الأم بالوصية صح إفرادها ولأنه يصح إفراد الحمل بالوصية فجاز استثناؤه.
وهذا هو الأصل أن ما يصح إفراده بالعقد يصح استثناؤه منه إذ لا فرق بينهما. وما لا يصح إفراده بالعقد لا يصح استثناؤه منه.
وجاء فى بدائع الصنائع (١): أنه لو أوصى بخاتم لفلان وبفصه لفلان آخر، فلا يخلو إما أن تكون الوصيتان فى كلام واحد متصل. وإما أن تكون فى كلام منفصل.
فإن كانتا فى كلام متصل فالحلقة للموصى له بالخاتم والفص للموصى له بالفص بلا خلاف.
وإن كانتا فى كلام منفصل فكذلك فى قول أبى يوسف.
وقيل أنه قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى أيضا.
وقال محمد رحمه الله تعالى الحلقة للموصى له بالخاتم والفص بينهما.
ووجه قوله أن الوصية بالخاتم تتناول الحلقة والفص وبالوصية لآخر بالفص لم يتبين أن الفص لم يدخل وإذا كان كذلك بقى الفص داخلا. فى الوصية بالخاتم.
وإذا أوصى بالفص لآخر فقد اجتمع فى الفص وصيتان فيشتركان فيه ويسلم الحلقة للأول.
ووجه قول أبى يوسف رحمه الله تعالى أن اسم الخاتم يتناول الفص الذى فيه إما بطريق التضمن، لأنه جزء من أجزاء الخاتم بمنزلة اسم الإنسان أنه يتناول جميع أجزائه بطريق التضمن، وإما بطريق التبعية لكن عند الإطلاق.
فإذا أفرد البعض بالوصية لآخر تبين أنه لم يتناوله حيث جعله منصوصا عليه أو مقصودا بالوصية فبطلت التبعية، لأن الثابت نصا فوق الثابت ضمنا وتبعا والأصل فى الوصايا أن يقدم الأقوى فالأقوى.
وصار هذا كما إذا أوصى بعبده لإنسان وبخدمته لآخر أن الرقبة تكون للموصى له الأول والخدمة للموصى له الثانى لما قلنا كذا هذا.
وبهذا تبين أن هذا ليس نظير اللفظ العام إذا ورد عليه التخصيص، لأن اللفظ العام يتناول كل فرد من أفراد العموم بحروفه فيصير كل فرد من أفراده منصوصا عليه.
وهاهنا كل جزء من أجزاء الخاتم لا يصير منصوصا عليه بذكر الخاتم.
ألا يرى أن كل جزء من أجزاء الخاتم لا يسمى خاتما كما لا يسمى كل جزء من أجزاء الإنسان إنسانا فلم يكن هذا نظير اللفظ العام فلا يستقم قياسه عليه.
مع أن المذهب الصحيح فى العام أنه يحتمل التخصيص بدليل متصل ومنفصل والبيان المتأخر لا يكون نسخا لا محالة بل قد يكون نسخا وقد يكون تخصيصا على ما عرف فى أصول الفقه.
على أن الوصية بالخاتم وإن تناولت الحلقة والفص لكنه لما أوصى بالفص للآخر فقد رجع عن
(١) بدائع الصنائع ج ٧. ص ٣٨٣.