واحد بالأصل والتبع نصا ولو كان كذلك لاشتركا فى الأصل والتبع كذا هذا.
فإن كان أوصى للثانى بنصف العبد يقسم العبد بينهما أثلاثا وكان للثانى نصف الخدمة لأنه لما أوصى له بنصف العبد بطلت وصيته فى خدمة ذلك النصف لدخولها تحت الوصية بنصف العبد وبقيت وصيته بالخدمة فى النصف الآخر.
وذكر ابن سماعة أن أبا يوسف رجع عن هذا وقال: إذا أوصى بالعبد لرجل وأوصى بخدمته لآخر ثم أوصى برقية العبد أيضا لصاحب الخدمة فإن العبد بينهما والخدمة كلها للموصى له بالخدمة لإفراده الوصية بالخدمة فوقع صحيحا فلا تبطل الوصية بالرقبة فصار الموصى له الثانى موصى له بالرقبة والخدمة على الانفراد فيستحق نصف الرقية لمساواته صاحبه فى الوصية بها وينفرد بالوصية بالخدمة.
وقال لو أوصى لرجل بأمة تخرج من الثلث وأوصى لآخر بما فى بطنها وأوصى بها أيضا للذى أوصى له بما فى البطن فالأمة بينهما نصفان والولد كله للذى أوصى له به خاصة لا يشركه فيه صاحبه لما ذكرنا أنهما تساويا فى استحقاق الرقبة وإنفرد صاحب الولد بالوصية به خاصة.
ولو أوصى بالدار لرجل وأوصى ببيت فيها بعينه لآخر فإن البيت بينهما بالحصص.
وكذا لو أوصى بألف درهم بينهما لرجل وأوصى بمائة منها لآخر كان تسعمائة لصاحب الألف والمائة بينهما نصفان لأن اسم الدار يتناول البيوت التى فيها بطريق الأصالة لا بطريق التبعية وكذا اسم الألف يتناول كل مائة منها بطريق الأصالة وكأن كل واحد منهما أصلا فى كونه موصى به فيكون بينهما.
وهذا مما لا خلاف فيه.
وإنما الخلاف فى كيفية القسمة.
فعند أبى حنيفة، رحمه الله تعالى على طريق المنازعة.
وعند أبى يوسف على طريق المضاربة فيقسم على أحد عشر لصاحب المائة جزء من أحد عشر فى المائة ولصاحب الألف عشرة أجزاء فى جميع الألف وكذلك الدار والبيت.
ولو أوصى ببيت بعينه لرجل وساحته لآخر كان البناء بينهما بالحصص لأن البيت لا يسمى بيتا بدون البناء فكانت وصية الأول متناولة للبناء بطريق الأصالة فيشارك الموصى له بالساحة بخلاف الوصية بدار الإنسان وبنائها لآخر أنهما لا يشتركان فى البناء بل تكون العرصة للموصى له بالدار والبناء للآخر لأن اسم الدار لا يتناول البناء بطريق الأصالة بل بطريق التبعية إذ الدار اسم للعرصة فى اللغة والبناء فيها تبع بدليل أنها تسمى دارا بعد زوال البناء فكان دخول البناء فى الوصية بالدار من طريق التبعية.