للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها أثر ويكون للفعل حكمه وأثره الشرعى الذى يستوجبه حين يصدر ممن لا ولاية له عليه وعلى القول الثانى يكون لها حكم الإذن السابق به: جاء فى الدر المختار (١): الاجازة لا تلحق الإتلاف فلو أتلف مال غيره تعديا فقال المالك أجزت أو رضيت لم يبرأ المتلف من الضمان ذكره صاحب الأشباه نقلا عن البزازية ولكن نقل صاحب التنوير عن العمارية أن الإجازة تلحق الأفعال وهو الصحيح وبناء عليه تلحق الإتلاف لأنه من جملة الأفعال وجاء فى ابن عابدين تعليقا على ذلك أن الملتقط‍ لو تصدق باللقطة ثم جاء ربها فأجاز الفعل صحت إجازته وكان لها حكم اذنه وذلك ما يدل على أنها تلحق الأفعال ثم نقل عن البيرى على الأشباه أن أحد الورثة إذا اتخذ ضيافة من التركة حال غيبة الآخرين ثم قدموا بعد ذلك وأجازوا ثم أرادوا بعد إجازتهم الرجوع فيها وتضمين ذلك الوارث كان لهم ذلك لأن الاتلاف لا يتوقف حتى تلحقه الإجازة وذلك يدل على أن الإجازة لا تلحق الأفعال. وعلل ذلك بأن الأفعال لا تتوقف حتى تلحقها الإجازة ومعنى ذلك ان الفعل حين يصدر إنما يصدر عن ولاية فيكون بحق أو عن غير ولاية فيكون تعديا ولا تغير الإجازة من طبيعته فلا تجعل ما صدر تعديا صادرا عن حق فيه وعلى ذلك فلا تلحق الإجازة الأفعال وذلك ما يخالف الفرع الخاص بإجازة صاحب اللقطة تصدق الملتقط‍ بها إذ جعلت إجازته كالإذن فلم يكن له حق المطالبة بالضمان وذلك ما يتفق مع القول بصحته - وقد ذكر صاحب الدر فى مسائل شتى من كتاب الخنثى أن الإجازة تلحق الأفعال على الصحيح فلو غصب إنسان عينا لآخر فأجاز المالك أخذه واياها صحت اجازته وبرئ الغاصب من الضمان (٢) وفى جامع الفصولين غصب شيئا وقبضه فأجاز المالك قبضه برئ من الضمان ولو أودع مال الغير فأجاز المالك إيداعه برئ من الضمان ثم قال والإجازة لا تلحق الأفعال عند أبى حنيفة وتلحقها عند محمد كما تلحق العقود حتى أن الغاصب لو رد المغصوب على أجنبى فأجاز المالك برئ الغاصب عند محمد لا عند الامام ولو بعث بدينه على يد رجل إلى الدائن فجاء الرجل الى الدائن وأخبره ورضى بذلك وقال له اشتر لى به شيئا ثم هلك المال قيل يهلك من مال المدين وقيل يهلك من مال الدائن وهو الصحيح اذ الرضا بقبضه فى الانتهاء كاذنه بقبضه فى الإبتداء وهذا التعليل يدل على أن الإجازة تلحق الأفعال وهو الصحيح (٣).

وجملة القول أن المسألة خلافية. وعلى القول لصحة الإجازة فى الأفعال يصير الفعل بها وكأنه صدر من فاعله بناء على أنه مأذون به فينسب إلى إذنه وتكون القاعدة عامة فى الأقوال والأفعال أما علي القول الآخر فإنها تكون خاصة بالإجازة فى الأقوال وفى بيان حكم ذلك فى بقية المذاهب يرجع الى مصطلح «تعدى أو اعتداء».


(١) ج‍ ٥ ص ١٣٩.
(٢) الدر المختار ج‍ ٥ ص ٥٢٨ طبعة الحلبى.
(٣) جامع الفصولين ج‍ ١ ص ٢٣٧.