وإن فرق بينهما بان وهب أحدهما وسلم ثم وهب الآخر وسلم نظر فى ذلك وروعى فيه الترتيب إن قدم هبة الدار فالهبة فى الدار لم تجز لأنها مشغولة بالمتاع، فلم يصح تسليم الدار، وجازت فى المتاع، لأنه غير مشغول بالدار فيصح تسليمه. ولو قدم هبة المتاع جازت الهبة فيهما جميعا.
أما فى المتاع فلأنه غير مشغول بالدار فيصح تسليمه.
وأما فى الدار فلأنها وقت التسليم كانت مشغولة بمتاع هو ملك الموهوب، فلا يمنع صحة القبض.
وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا وهب جارية واستثنى ما فى بطنها، أو حيوانا واستثنى ما فى بطنه أنه لا يجوز لأنه لو جاز لكان ذلك هبة ما هو مشغول بغيره وأنها غير جائزة لأنه لا جواز لها بدون القبض وكون الموهوب مشغولا بغيره يمنع صحة القبض.
ولو أعتق ما فى بطن جاريته ثم وهب الأم يجوز.
وذكر فى العتاق أنه لو دبر ما فى بطن جاريته لا يجوز. ومنهم من قال فى المسألة روايتان.
وجه رواية عدم الجواز أن الموهوب مشغول بما ليس بموهوب فأشبه هبة دار فيها متاع الواهب.
ووجه رواية الجواز وهى رواية الكرخى ان حرية الجنين تجعله مستثنى من العقد، لأن حكم العقد لم يثبت فيه مع تناوله إياه ظاهرا وهذا معنى الاستثناء. ولو استثناه لفظا جازت الهبة فى الأم فكذا إذا كان مستثنى فى المعنى.
ومنهم من قال فى المسألة رواية واحدة.
وفرق بين الإعتاق والتدبير.
ووجه الفرق أن المدبر مال المولى فإذا وهب الأم فقد وهب ما هو مشغول بمال الواهب فلم يجز كهبة دار فيها متاع الواهب
وأما الحر فليس بمال فصار كما لو وهب دارا فيها حر جالس وذا لا يمنع جواز الهبة كذا هذا.
ومن شروط الهبة أيضا ألا يكون الموهوب متصلا بما ليس بموهوب اتصال الأجزاء لأن قبض الموهوب وحده لا يتصور وغيره ليس بموهوب فكان هذا فى معنى المشاع، وعلى هذا يخرج ما إذا وهب أرضا فيها زرع دون الزرع أو شجرا عليها ثمر دون الثمر أو وهب الزرع دون الأرض أو الثمر دون الشجر، وخلى بينه وبين الموهوب له أنه لا يجوز لأن الموهوب متصل بما ليس بموهوب اتصال جزء بجزء فمنع صحة القبض
ولو جذ الثمر وحصد الزرع ثم سلمه فارغا جاز لأن المانع من النفاذ وهو ثبوت الملك قد زال. ولو جمع بينهما فى الهبة فوهبهما جميعا وسلم متفرقا جاز. ولو فرق بينهما فى الهبة فوهبه كل واحد منهما بعقد على حدة بأن وهب الأرض ثم الزرع أو الزرع ثم الأرض.
فإن جمع بينهما فى التسليم جازت الهبة فيهما جميعا. وإن فرق لا تجوز الهبة فيهما جميعا قدم أو أخر سواء ..