للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاع منه. لما روى عمر بن سلمة الضمرى رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة حتى أتى الروحاء فإذا حمار عقير (١)، فقيل: يا رسول الله، هذا حمار عقير. فقال دعوه فإنه سيطلبه صاحبه، فجاء رجل من فهر فقال: يا رسول الله إنى أصبت هذا فشأنكم (٢) به. فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر يقسم لحمه بين الرفاق (٣).

ولأن القصد منه التمليك والمشاع كالمقسوم فى ذلك، وما لا يجوز بيعه من المجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لم يتم ملكه عليه كالمبيع قبل القبض لا تجوز هبته، لأنه عقد يقصد به تمليك المال فى حال الحياة فلم يجز فيما ذكرناه كالبيع.

ولا يجوز تعليق الهبة على شرط‍ مستقبل، لأنه عقد يبطل بالجهالة، فلم يجز تعليقه على شرط‍ مستقبل كالبيع.

ثم قال (٤): وإن زاد الموهوب فى ملك الولد أو زال الملك فيه ثم عاد إليه، فالحكم فيه كالحكم فى المبيع إذا زاد فى يد المشترى، أو زال الملك فيه ثم عاد إليه ثم أفلس فى رجوع البائع، ولا يملك الموهوب منه الهبة من غير قبض. لما روت عائشة رضى الله تعالى عنها أن أباها نحلها جذاذ عشرين وسقا من ماله فلما حضرته الوفاة قال يا بنية إن أحب الناس غنى بعدى لأنت، وإن أعز الناس على فقرا بعدى لأنت، وأنى كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا من مالى وودت أنك جذذته وحزته، وانما هو اليوم مال الوارث وإنما هما إخواك وأختاك.

قالت هذان أخواى فمن أختاى؟

قال: ذو بطن بنت خارجة فإنى أظنها جارية.

فإن مات قبل القبض قام وارثه مقامه إن شاء قبض وإن شاء لم يقبض.

ومن أصحابنا من قال يبطل العقد بالموت، لأنه غير لازم فبطل بالموت كالعقود الجائزة.

ومن المنصوص أنه لا يبطل، لأنه عقد يؤول إلى اللزوم فلم يبطل بالموت كالبيع بشرط‍ الخيار فإذا قبض ملك بالقبض.

ومن أصحابنا من قال يتبين أنه ملك بالعقد فان حدث منه نماء قبل القبض كان للموهوب له.

لأن الشافعى رضى الله تعالى عنه قال فيمن وهب له عبد قبل أن يهل عليه هلال شوال وقبض بعد ما أهل: إن فطرة العبد على الموهوب له.

والمذهب الأول.


(١) حمار عقير أى معقور فعيل بمعنى مفعول.
(٢) فشأنكم به أى اعملوا فيه برأيكم وأمركم والشأن الأمر.
(٣) الرفاق جمع رفقه وهم الجماعات يصطحبون فى السفر.
(٤) المرجع السابق لأبى اسحاق ابراهيم على بن يوسف الفيروزابادى الشيرازى ج ١ ص ٤٤٧ فى كتاب بأسفله النظم المستعذب شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى نفس الطبعة السابقة.