للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال (١): ويجوز أن يرهن الجارية دون ولدها، لأن الرهن لا يزيل الملك فلا يؤدى إلى التفريق بينهما. فإن حل الدين ولم يقضه وبيعت الأم والولد ويقسم الثمن عليهما فما قابل الأم تعلق به حق المرتهن فى قضاء دينه وما قابل الولد يكون للراهن لا يتعلق به حق المرتهن.

ثم قال (٢): وإن كان للمرهون أصول تحمل فى السنة مرة بعد أخرى كالتين والقثاء فرهن الحمل الظاهر فإن كان بدين يستحق فيه بيع الرهن قبل أن يحدث الحمل الثانى ويختلط‍ به جاز لأنه يأمن الغرر بالاختلاط‍ وإن كان بدين لا يستحق البيع فيه إلا بعد حدوث الحمل الثانى واختلاطه به نظر.

فإن شرط‍ إنه إذا خيف الاختلاط‍ قطعه جاز لأنه منع الغرر بشرط‍ القطع. وان لم يشترط‍ القطع ففيه قولان:

أحدهما: أن العقد باطل لأنه يختلط‍ بالمرهون غيره فلا يمكن إمضاء العقد على مقتضاه.

والثانى: أنه صحيح لأنه يمكن الفصل عند الاختلاط‍ بأن يسمح الراهن بترك ثمرته للمرتهن أو ينظركم كان المرهون فيحلف عليه ويأخذ ما زاد فإذا أمكن إمضاء العقد لم يحكم ببطلانه.

ثم قال (٣): إن ما يحدث من عين الرهن من النماء المتميز كالشجر والثمر واللبن والولد والصوف والشعر لا يدخل فى الرهن، لما روى سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يغلق الرهن من راهنه الذى رهنه له غنمه وعليه غرمه والنماء من الغنم فوجب أن يكون له.

وعن ابن عمر وأبى هريرة مرفوعا: الرهن محلوب ومركوب ومعلوم. إنه لم يرد أنه محلوب ومركوب للمرتهن فدل على أنه أراد به محلوب ومركوب للراهن، ولأنه عقد لا يزيل الملك فلم يسر إلى النماء المتميز كالإجارة.

فإن رهن نخلا على أن ما يتميز داخل فى الرهن أو ماشية على أن ما تنتج داخل فى الرهن فالمنصوص فى الأم أن الشرط‍ باطل.

وقال فى الأمالى القديمة. لو قال قائل: إن الثمرة والنتاج يكون رهنا كان مذهبا.

ووجهه أنه تابع للأصل فجاز أن يتبعه كأساس الدار. والمذهب الأول.

وهذا مرجوع عنه، لأنه رهن مجهول ومعدوم فلم يصح. بخلاف أساس الدار فإنه موجود ولكنه شق رؤيته فعفى عن الجهل به.

وأما النماء الموجود فى حال العقد ينظر فيه فإن كان شجرا فقد قال فى الرهن لا يدخل فيه وقال فى البيع يدخل.

واختلف أصحابنا فيه على ثلاث طرق وقد بيناها فى البيوع.

وإن كان ثمرا نظر فإن كان ظاهرا كالطلع المؤبر وما أشبهه من الثمار لم يدخل فى الرهن لأنه إذا لم


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٣٠٩ نفس الطبعة السابقة.
(٢) المهذب فى فقه الإمام الشافعى ج ١ ص ٣٠٩، ٣١٠ نفس الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ٣١٠ - ٣١١ نفس الطبعة المتقدمة.