للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالولد ثم علم فله الخيار فى الرد والإمساك، لأن الولد عيب فيها لكونه لا يمكن بيعها بدونه، فإن أمسك فهو كما لو علم حال العقد ولا شئ له غيرها وإن ردها فله فسخ البيع إن كانت مشروطة فيه.

ثم قال فى موضع آخر: ولو رهن ثمرة شجر يحمل فى السنة حملين لا يتميز أحدهما من الآخر، فرهن الثمرة الأولى إلى محل تحدث الثانية على وجه لا يتميز، فالرهن باطل، لأنه مجهول حين حلول الحق فلا يمكن استيفاء الدين منه فلم يصح، كما لو كان مجهولا حين العقد وكما لو رهنه إياها بعد اشتباهها.

فإن شرط‍ قطع الأولى إذا خيف اختلاطها بالثانية صح. فإن كان الحمل المرهون بحق حال وكانت الثمرة الثانية تتميز من الأولى إذا حدثت فالرهن صحيح. فإن وقع التوانى فى قطع الأولى حتى اختلطت بالثانية وتعذر التمييز لم يبطل الرهن، لأنه وقع صحيحا، وقد اختلط‍ بغيره على وجه لا يمكن فصله.

فعلى هذا إن سمح الراهن بكون الثمرة رهنا، أو اتفقا على قدر المرهون منهما فحسن.

وإن اختلفا فالقول قول الراهن مع يمينه فى قدر الرهن، لأنه منكر للقدر الزائد والقول قول المنكر.

وجاء فى موضع آخر (١): فإن جعلا الرهن فى يد عدلين جاز لهما إمساكه ولا يجوز لأحدهما الانفراد بحفظه. وإن سلمه أحدهما إلى الآخر فعليه ضمان النصف، لأنه القدر الذى تعدى فيه وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعى.

وفى الآخر وإذا رضى أحدهما بإمساك الآخر جاز وبهذا قال أبو يوسف ومحمد.

وقال أبو حنيفة إن كان مما ينقسم اقتسماه وإلا فلكل واحد منهما إمساك جميعه، لأن اجتماعهما على حفظه يشق عليهما، فيحمل الأمر على أن لكل واحد منهما الحفظ‍.

ولنا أن المتراهنين لم يرضيا إلا بحفظهما فلم يجز لأحدهما الانفراد بذلك كالوصيين لا ينفرد أحدهما بالتصرف.

وقولهم إن الاجتماع على الحفظ‍ يشق ليس كذلك، فإنه يمكن جعله فى مخزن لكل واحد منهما عليه قفل.

وجاء فى موضع آخر (٢): وإذا ارتهن أرضا أو دارا أو غيرهما تبعه فى الرهن ما يتبع فى البيع.

فإن كان فى الأرض شجر، فقال: رهنتك هذه الأرض بحقوقها، أو ذكر ما يدل على أن الشجر فى الرهن دخل فيه. وإن لم يذكر ذلك فهل يدخل الشجر فى الرهن؟

على وجهين بناء على دخوله فى البيع.

وإن رهنه شجرا مثمرا وفيه ثمرة ظاهرة لم تدخل فى الرهن، كما لا تدخل فى البيع، وإن لم تكن ظاهرة دخلت.

وقال الشافعى لا تدخل الثمرة فى الرهن بحال.


(١) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٨٤ - ٣٨٥ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٤٣٥ - ٤٣٦ الطبعة السابقة.