للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطل. اذا تعمد ذلك ذاكرا أنه فى صوم وان لم يأكل ولا يشرب ولا يطأ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» فصح يقينا أن من نوى ابطال ما هو فيه من الصوم فله ما نوى (١) ويبطل الصوم تعمد الأكل أو تعمد الشرب أو تعمد الوط‍ ء فى الفرج أو تعمد القئ وهو ذلك ذاكرا لصومه. وسواء قل ما أكل أو كثر. أخرجه من بين أسنانه أو أخذه من خارج فمه فأكله. وهذا كله مجمع عليه اجماعا متيقنا. لقول الله تعالى: «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ‍ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ‍ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ} (٢)».

وروى محمد بن سبرين عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: من ذرعه القئ وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض فليقض (٣).

ويبطل الصوم أيضا تعمد كل معصية. اذا فعلها عامدا ذاكرا لصومه كمباشرة من لا يحل له من أنثى أو ذكر أو تقبيل غير امرأته وأمته المباحتين له من أنثى أو ذكر. أو اتيان فى دبر امرأته أو أمته أو غيرهما أو كذب. أو غيبة.

أو نميمة. أو تعمد ترك الصلاة أو ظلم أو غير ذلك من كل ما حرم على المرء فعله.

لما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصيام جنة فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ. ولا يصخب فان سابه أحد أو قاتله فليقل. انى صائم.

ولما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه).

ولما روى عن سليمان التيمى عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أتى على امرأتين صائمتين تغتابان الناس. فقال لهما قيئا.

ققاءتا قيحا ودما ولحما عبيطا. ثم قال صلى الله عليه وسلم ها ان هاتين صامتا عن الحلال.

وأفطرتا على الحرام (٤). فمن تعمد ذاكرا لصومه شيئا مما ذكر فقد بطل صومه. ولا يقدر على قضائه ان كان فى رمضان أو فى نذر معين الا فى تعمد القئ لخاصة فعلية القضاء.

وذلك لما سبق أن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن وجوب القضاء فى تعمد القئ قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأت فى فساد الصوم بالتعمد للأكل أو الشرب أو الوط‍ ء نص بايجاب (٥) القضاء.

لما روى عن أبى هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال هلكت يا رسول الله قال: وما أهلكت قال: وقعت على امرأتى فى رمضان. قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.

قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. ثم جلس فأتى النبى صلّى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر. فقال: تصدق بهذا فقال:

أفقر منا؟. لأبتيها أهل بيت أحوج اليه منا.


(١) المحلى لابن حزم ج ٦ ص ١٧٤، ص ١٧٥
(٢) الآية رقم ١٨٧ من سورة البقرة.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٦ ص ١٧٥ الطبعة السابقة.
(٤) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٦ ص ١٧٧، ص ١٧٨ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق ج ٦ ص ١٨٠، ص ١٨١ الطبعة السابقة.