للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا قول أبى يوسف وقولنا وجه القياس أنه قد صح من مذهب أصحابنا أن الطهارة ليست بشرط‍ لجواز الطواف واذا لم تكن شرطا فقد وقع التحلل بطوافه والجماع بعد التحلل من الاحرام لا يوجب الكفارة وجه الاستحسان أنه اذا أعاده وهو طاهر فقد انفسخ الطواف الأول على طريق بعض مشايخ العراق وصار طوافه المعتبر هو الثانى لأن الجنابة توجب نقصانا فاحشا فتبين أن الجماع كان حاصلا قبل الطواف فيوجب الكفارة بخلاف ما اذا طاف على غير وضوء لأن النقصان هناك يسير فلم ينفسخ الأول فبقى جماعه بعد التحلل فلا يوجب الكفارة.

وذكر ابن سماعة عن محمد فى الرقيات فيمن طاف أربعة أشواط‍ من طواف الزيارة فى جوف الحجر أو فعل ذلك فى طواف العمرة ثم جامع انه تفسد العمرة وعليه عمرة مكانها وعليه فى الحج بدنة لأن الركن فى الطواف أكثر الأشواط‍ وهو أربعة فاذا طاف فى جوف الحجر فلم يأت بأكثر الاشواط‍ فحصل الجماع قبل الطواف.

وروى ابن سماعة عن محمد فيمن فانه الحج فجامع أنه يمضى على احرامه وعليه دم الجماع والقضاء للفوات أما وجوب المضى فلبقاء الاحرام

وأما وجوب الدم بالجماع فى الاحرام وليس عليه قضاء العمرة لأن هذا تحلل بمثل أفعال العمرة وليس بعمرة بل هو بقية أفعال حج قد وجب قضاؤه بخلاف العمرة المبتدأة وأما المتمتع اذا جامع فحكمه حكم المفرد بالحج والمفرد بالعمرة لأنه يحرم بعمرة أولا ثم يحرم بحجة (١).

ولو أحرم بالعمرة فى أشهر الحج ثم أفسدها وأتمها على الفساد وحل منها ثم أحرم بالحج وحج من عامه ذلك قبل أن يقضيها لم يكن متمتعا لأنه لا يصير متمتعا الا بحصول العمرة والحجة ولما أفسد العمرة لم تحصل له العمرة والحجة فلا يكون متمتعا ولو قضى عمرته وحج ومن عامه ذلك فهذا لا يخلو من ثلاثة أوجه فان فرغ من عمرته الفاسدة وحل منها ورجع الى أهله ثم عاد الى مكة وقضى عمرته وأحرم بالحج وحج من عامه ذلك فانه يكون متمتعا بالاجماع لأنه لما لحق بأهله صار من أهل التمتع وقد أتى به فكان متمتعا واذا فرغ من عمرته الفاسدة وحل منها لكنه لم يخرج من الحرم أو خرج منه لكنه لم يجاوز الميقات حتى قضى عمرته وأحرم بالحج لا يكون متمتعا بالاجماع لأنه لما حل من عمرته الفاسدة صار كواحد من أهل مكة ولا تمتع لأهل مكة ويكون مسيئا وعليه لاساءته دم، وان فرغ من عمرته الفاسدة وحل منها وخرج من الحرم وجاوز الميقات حتى قضى عمرته ولحق بموضع لأهله التمتع والقران كالبصرة وغيرها ثم رجع الى مكة وقضى عمرته الفاسدة ثم أحرم بحج وحج من عامه ذلك لم يكن متمتعا فى قول أبى حنيفة كأنه لم يبرح من مكة.

وفى قول أبى يوسف ومحمد يكون متمتعا كأنه لحق بأهله وجه قولهما أنه لما حصل فى موضع لأهله التمتع والقران صار من أهل ذلك الموضع وبطل حكم ذلك السفر ثم اذا قدم مكة كان هذا انشاء سفر وقد حصل له نسكان فى هذا السفر وهو عمرة وحجة فيكون متمتعا كما لو رجع الى أهله ثم عاد الى مكة وقضى عمرته فى أشهر الحج وأحرم بالحج وحج من عامه ذلك أنه يكون متمتعا كذا هذا بخلاف ما اذا اتخذ مكة دارا لأنه صار من أهل مكة ولا تمتع لأهل مكة ولأبى حنيفة أن حكم السفر الأول باق لأن الانسان اذا خرج من وطنه مسافرا فهو على حكم السفر ما لم يعد الى وطنه واذا كان حكم السفر الأول باقيا فلا عبرة بقدومه البصرة واتخاذه دارا بها فصار كأنه أقام بمكة لم يبرح منها


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ٢١٩ وكذلك حاشية الطحاوى ج ١ ص ٥٢٧ الطبعة السابقة