للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم مخالف والمراد بالمضى فيه أن يأتى بما كان به قبل الجماع وتجنب ما كان يتجنبه قبله فان ارتكب محظورا لزمته الفدية فى الأصح وهذا بخلاف سائر العبادات لا يلزمه المضى فى فاسدها للخروج منها بالفساد اذ لا حرمة لها بعده.

ويجب القضاء اتفاقا وان كان نسكه تطوعا لأنه يلزم بالشروع فيه فصار فرضا بخلاف باقى العبادات واذا جامع صبى أو عبد فسد نسكه ويجزئه القضاء حال الصبا والرق ويلزم المفسد فى القضاء الاحرام مما أحرم به فى الأداء من ميقات أو قبله من دوبره أهله أو غيرها فان كان جاور الميقات ولو غير مريد نسكا لزمه فى القضاء الاحرام منه الا أن سلك فيه غير طريق الأداء فانه يحرم من قدر مسافر الاحرام فى الأداء ان لم يكن جاوز فيه الميقات غير محرم والا أحرم من قدر مسافة الميقات.

وعلم من ذلك أنه لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه أن يحرم فى قضائها من أدنى الحل وأنه لا يتعين عليه سلوك طريق الأداء لكن يشترط‍ أن يحرم من قدر مسافته ولا يلزمه فى القضاء أن يحرم فى الزمن الذى أحرم فيه بل له التأخير عنه والتقديم عليه فى الوقت الذى يجوز الاحرام فيه وفارق المكان فانه ينضبط‍ بخلاف الزمان ولو أفسد القضاء الثانى بالجماع فعليه بدنة وقضاء واحد لأن المقضى واحد فلا يلزمه أكثر منه (١).

والأصح أن قضاء الفاسد يجب على الفور لأنه وان كان وقته موسعا يضيق بالشروع فيه واستشكل تسمية ذلك قضاء بأن من أفسد الصلاة ثم أعادها فى الوقت كانت أداء لا قضاء لوقوعها فى وقتها الأصلى خلافا للقاضى وأجاب السبكى بأنهم أطلقوا القضاء هنا على معناه اللغوى وبأنه يتضيق بالاحرام وان لم يتضيق وقت الصلاة لأن آخر وقتها لم يتغير بالشروع فيها فلم يكن بفعلها بعد الافساد موقعا لها فى غير وقتها والنسك بالشروع فيه تضييق وقته ابتداء وانتهاء فانه ينته بوقت الفوات ففعله فى السنة الثانية خارج وقته فصح وصفه بالقضاء وأيد ولده فى التوشيح الأول بقول ابن يونس أنه أداء لا قضاء وتصور قضاء العمرة على الفور وأما الحج فيتصوب وعام الافساد بأن يتحلل بعده للاحصاء ثم يطلق من الحصر أو بأن يرتد بعده أو يتحلل كذلك لمرض شرط‍ التحلل به ثم يشفى والوقت باق فيشتغل بالقضاء (٢).

ولو أفسد مفرد نسكه فتمتع فى القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانغمار العمرة فى الحج ولزمه دم القران الذى أفسده لأنه لزمه بالشروع فلا يسقط‍ بالافساد ولزمه دم آخر للقران الذى التزمه بالافساد فى القضاء ولو أفرده لأنه متبرع بالافراد ولو فات القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له ولزمه دمان دم للفوات ودم لأجل القران وفى القضاء دم ثالث ولو ارتد فى أثناء نسكه فسد احرامه فيفسد نسكه كصومه وصلاته فلا كفارة عليه ولا يمضى فيه وان أسلم لعدم ورود شئ فيهما بخلاف الجماع فانه وان أفسد به نسكه لم يفسد به احرامه حتى يلزمه المضى فى فاسده كما مر (٣).

ولو أفسد الرقيق نسكه بالجماع لم يلزم السيد الاذن فى القضاء ولو أحرم بأذنه لأنه لم


(١) مغنى المحتاج لمعرفة ألفاظ‍ المنهاج ج ١ ص ٥٠٥، ٥٠٦
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٥٠٦، وكذلك حاشية البجيرمى ج ٢ ص ١٥١، ١٥٢
(٣) مغنى المحتاج السابق ج ١ ص ٥٠٦