للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان ينبغى أن لا يجب على الزوج شئ سواء كانت الفرقة بغير طلاق أو بطلاق الا أن الشرع أوجب عليه فى الطلاق قبل الدخول ما لا مقدرا بنصف المهر المسمى ابتداء بطريق المتعة صلة لها تطيبا لقلبها لما لحقها من وحشة الفراق بثبوت نعمة الزوجية عنها من غير رضاها فاذا أرضعت قد رضيت بارتفاع النكاح فلا تستحق شيئا وأما الصغيرة فلها نصف المهر على الزوج عند عامة العلماء.

وقال مالك لا شئ لها وجه قوله أن الفرقة جاءت من قبلها لوجود علة الفرقة منها وهى ارتضاعها لأنه بذلك يحصل اللبن فى جوفها فينبت اللحم وينشر العظم فتحصل الجزئية التى هى المعنى المؤثر فى الحرمة وانما الموجود من المرضعة التمكين من ارتضاعها بالقامها ثديها فكانت محصلة للشرط‍ والحكم للعلة لا للشرط‍ فلا يجب على الزوج للصغيرة شئ ولا يجب على الزوج للمرضعة شئ أيضا.

ولنا ما ذكرنا أن الفرقة من أيهما كانت توجب سقوط‍ كل المهر لما تقدم وانما يجب نصف المهر مقدرا بالمسمى ابتداء صلة للمرأة نظرا لها ولم يوجد من الصغيرة ما يوجب خروجها عن استحقاق النظر لأن فعلها لا يوصف بالخطر وليست هى من أهل الرضا لنجعل فعلها دلالة الرضا بارتفاع النكاح فلا تحرم نصف الصداق بخلاف الكبيرة لأن اقدامها على الارضاع دلالة الرضا بارتفاع النكاح وهى من أهل الرضا وارضاعها جناية فلا تستحق النظر بايجاب نصف المهر لها ابتداء اذا الجانى لا يستحق النظر على جنايته بل يستحق الزجر وذلك بالحرمان لئلا يفعل مثله فى المستقبل فلا يجب لها شئ سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لأن فعلها جناية فى الحالين.

ويرجع الزوج بما أدى على الكبيرة ان كانت تعمدت الفساد وأن كانت لم تتعمد لم يرجع عليها كذا ذكر المشايخ.

وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف.

وروى عن محمد أن له أن يرجع سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد.

وقول زفر وبشر المريسى والشافعى وجه قولهم أن هذا ضمان الاتلاف وأنه لا يختلف بالعمد والخطأ والدليل على أن هذا ضمان الاتلاف ان الفرقة حصلت من قبلها بارضاعها ولهذا لم تستحق المهر أصلا ورأسا سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد واذا كان حصول الفرقة من قبلها بارضاعها صارت بالارضاع مؤكدة نصف المهر على الزوج لأنه كان محتملا للسقوط‍ بردتها أو تمكينها من ابن الزوج أو تقبيلها اذا كبرت فهى بالارضاع أكدت نصف المهر بحيث لا يحتمل السقوط‍ فصارت متلفة عليه ماله فتضمن وجه قول محمد أنها وان تعمدت الفساد فهى صاحبة شرط‍ فى ثبوت الفرقة لأن علة الفرقة هى الارتضاع للصغيرة لما بينا والحكم يضاف الى العلة لا الشرط‍ على أم ارضاعها ان كان سبب الفرقة فهو سبب محض لأنه طرأ عليه فعل اختيارى وهو ارتضاع الصغير والسبب اذا اعترض عليه فعل اختيارى يكون سببا محضا والسبب المحض لا حكم له وان كان صاحب السبب متعمدا فى مباشرة السبب كفتح باب الأصطبل والقفص حتى خرجت الدابة وضلت أو طار الطير وضاع ولأن الضمان لو وجب عليها اما أن يجب باتلاف ملك النكاح أو باتلاف الصداق أو بتأكيد نصفه على الزوج لا وجه للأول لأن ملك النكاح غير مضمون بالاتلاف على أصلنا ولا وجه للثانى لأنها ما أتلفت الصداق بل أسقطت نصفه والنصف الباقى بقى واجبا بالنكاح السابق.

ولا وجه للثالث لأن التأكيد لا يماثل التفويت فلا يكون اعتداء بالمثل.