للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما يرد على أهل الوقف جاز سواء كان من جنسه أو من غير جنسه لأن المقصود المنفعة لا الجنس لكن تكون المنفعة معروفة الى المصلحة التى كان الأولى تعرف فيها لأنه لا يجوز تغيير المصرف مع امكان المحافظة عليه كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع امكان الانتفاع به واذا لم يف ثمن الفرس الحبيس لشراء فرس أخرى أعيد به فى شراء فرس حبيس يكون بعض الثمن نص عليه أحمد لأن المقصود استيفاء منفعة الوقف الممكن استيفاؤها وصيانتها عن الضياع ولا سبيل الى ذلك الا بهذه الطريقة وان لم تتعطل مصلحة الوقف بالكلية لكن قلت وكان غيره أنفع منه وأكثر رد على أهل الوقف لم يجز بيعه لأن الأصل تحريم البيع وانما أبيح للضرورة صيانة لمقصود الوقف عن الضياع مع امكان تحصيل رجع الانتفاع وان قل ما يضيع المقصود اللهم الا أن يبلغ فى قلة النفع الى حد لا يعد نفعا فيكون وجود ذلك كالعدم (٢).

قال أحمد فى رواية أبى داود فى مسجد أراد أهله رفعه من الأرض ويجعل تحته سقاية وحوانيت فامتنع بعضهم من ذلك فينظر الى قول أكثرهم واختلف أصحابنا فى تأوييل كلام أحمد فذهب ابن حامد الى أن هذا فى مسجد أراد أهله انشاءه ابتداء واختلفوا كيف يعمل وسمله مسجدا قبل بنائه تجوزا لأن ماله اليه اما بعد كونه مسجدا لا يجوز جعله سقاية ولا حوانيت.

وذهب القاضى الى ظاهر اللفظ‍ وهو أنه كان مسجدا فأراد رفعه وجعل ما تحته سقاية لحاجتهم الى ذلك والأول أصح وأولى وان خالف الظاهر فان المسجد لا يجوز نقله وابداله وبيع مساحته وجعلها سقاية وحوانيت الا عند تعذر الانتفاع به.

والحاجة الى سقاية وحوانيت لا تعطل نفع المسجد فلا يجوز صرفه فى ذلك ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت لهذه الحاجة لجاز تخريب المسجد وجعله سقاية وحوانيت ويجعل بدله مسجدا فى موضع آخر.

وقال أحمد فى رواية أبى بكر بن محمد عن أبيه فى مسجد ليس بحصين من الكلاب وله منارة فرخص فى نقضها وبناء حائط‍ المسجد بها للمصلحة (٣). واذا جنى الواقف جناية توجب القصاص وجب سواء كانت الجناية على الموقوف عليه أو على غيره فان قتل بطل الوقف فيه وأن قطع كان باقيه وقفا كما لو تلف بفعل الله تعالى وان كانت الجناية موجبة للمال لم يمكنه نقلها برقبته لأنه لا يمكن بيعها ويجب ارثها على الموقف عليه لأنه ملكه تعلق أرشه برقبته فكان على مالكه كأم الولد ولا يلزمه أكثر من قيمته كأم الولد.

وان قلنا الوقف لا يملك فارض فى كسبه لأنه تعلقه برقبته لكونها لاتباع وبالموقوف عليه لأنه لا يملكه فكان فى كسبه كالهر يكون فى ماله ويحتمل أن يكون فى بيت المال كأرش جناية الحر المعسر وهذا احتمال ضعيف جدا فان الجناية انما تكون فى بيت المال فى صورة تحملها العاقلة عند عدمها وجناية العبد لا تحملها العاقلة وان كان الوقف على المساكين فينبغى أن يكون الأرش فى كسبه لأنه ليس له مستحق معبد يمكن ايجاب الأرش عليه ولا يمكن تعلقه برقبته أتعذر بيعها فتعين فى كسبه ويحتمل أن يجب فى بيت المال واذا جنى على الوقف جناية موجبة للمال وجب (١) المغنى لأبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامه المقدس على مختصر أبى؟؟؟ عمر بن حسين ابن عبد الله بن أحمد الخزمى الجزء الخامس ص ٥٧٥، ٥٧٦، ٥٧٧ طبع السيد محمد رشيد رضا الطبعة الثالثة دار المنار بمصر


(٢) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٥٧٧، ٥٧٨ الطبعة السابقة
(٣) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٤٧٨ الطبعة السابقة