يصح له الفسخ ولو بدون حكم من القاضى، لأنه فسخ ثبت بنص السنة.
وقال أبو اسحاق: لا يصح له الفسخ الا باذن القاضى لأنه مختلف فيه.
وإذا حكم قاض بمنع فسخه لم ينقض حكمه على الأصح، لأن المسألة اجتهادية والخلاف فيها قوى اذ النص وهو الحديث كما يحتمل أنه أحق بمتاعه يحتمل أنه أحق بأخذ ثمنه وان كان الإحتمال الأول أظهر.
وقال الاصطخرى ينقض. ولو وقع البيع ممن يلزمه التصرف بالمصلحة كالولى وكانت المصلحة فى الفسخ واسترداد عين مال المولى عليه من المفلس فانه يجب عليه ذلك.
ويشترط لرجوع الدائن فى عين ماله الموجود عند المفلس الشروط الآتية: أولا: أن يكون رجوعه عقب علمه بالحجر، وهذا بناء على الأصح ان خيار الفسخ بسبب الافلاس يكون على الفور كالرد بالعيب بجامع دفع الضرر. فان أخره عالما بجوازه بطل حقه لتقصيره اما ان أخره وادعى الجهل بالفورية فلا يبطل حقه فى الرجوع ويعذر فى جهله لأن مثل هذا مما يخفى على غالب الناس. وقيل:
يكون على التراخى كخيار الرجوع فى الهبة للولد.
ثانيا: ان يكون رجوع الدائن وفسخه لذلك بالقول لا بالفعل ويكفى فيه قوله: فسخت البيع أو نقضته ونحوه أما أن تصرف فيه بفعل يدل على الفسخ كبيعه أو وقفه فلا يكون فسخا ويلغو، لمصادقته ملك الغير.
ثالثا: أن يكون عين مال الدائن الذى فى يد المفلس ناشئا عن معاوضة محضة تفسد بفساد العوض مثل البيع والقرض والسلم والاجارة فإذا أسلمه دراهم قرضا أو رأس مال سلم حال ثم أفلس وحجر عليه والدراهم باقية بعينها فلصاحبها الرجوع فيها بالفسخ. وإذا أجره دارا بأجرة حال لم يقبضها حتى أفلس المستأجر وحجر عليه فللمؤجر الرجوع فى الدار بالفسخ فى الأصح، تنزيلا للمنفعة منزلة العين فى البيع ولا رجوع ولا فسخ فيما لا عوض فيه كالهبة بدون عوض والهدية والصدقة. وكذلك لا رجوع ولا فسخ فى معاوضة غير محضة كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد، فإذا خالع الزوج زوجته على عوض فى ذمتها ثم أفلست وحجر عليها فليس له فسخ عقد الخلع والرجوع فى المرأة وكذلك إذا تزوجها وأصدقها عينا فى ذمته ولم تقبضها حتى أفلس وحجر عليه فليس لها الرجوع فى بضعها نعم للزوجة باعسار زوجها بالصداق أو المنفعة فسخ النكاح لكن ذلك لا يختص بالحجر بسبب الافلاس (انظر مصطلح اعسار) وسواء فيه وفى الخلع قبل الدخول وبعده. وكذلك إذا صالحه عن دم العمد على عوض حال لم يقبض حتى أفلس الجانى وحجر عليه فليس للمستحق فسخ الصلح والرجوع الى القصاص، لتضمن الصلح العفو عنه ولأن كل ذلك ليس فى معنى المنصوص عليه لانتفاء العوض فى الهبة ونحوها. ولتعذر استيفاء العوض فى الصور الثلاثة الاخيرة لفواته.
رابعا: ان يكون الثمن فى البيع أو العوض فى غيره دينا حالا وقت الرجوع وان كان مؤجلا قبله وحل وقت الرجوع فلا فسخ ولا رجوع اذا كان الثمن أو العوض مؤجلا على المفلس ولم يحل، وقت الرجوع لأن المؤجل لا يطالب به فى الحال فيصرف المبيع أو غيره حينئذ لديون الدائنين. ومن هذا أخذ ابن الصلاح وأقره الأسنوى وغيره أن الاجارة بأجرة تحل كل آخر شهر لا فسخ ولا رجوع فيها للمؤجر فى عينه المستأجرة بسبب إفلاس المستأجر والحجر عليه، لأنه لا يتأتى الفسخ قبل مضى الشهر لعدم حلول الأجرة، ولا بعد مضيه لفوات المعوض، وهو المنفعة المعقود عليها فصار كتلف المبيع وهكذا فى كل شهر فلا يتصور فسخ الا اذا كانت الأجرة حالة أو بعضها حال وبعضها مؤجل فيفسخ فى الحال بالقسط.
خامسا: ان يتعذر استيفاء الثمن أو العوض بسبب الافلاس. فلو انتفى الافلاس وامتنع المشترى من دفع الثمن مع يساره أو هرب أو مات مليئا وامتنع الوارث من تسليم الثمن فلا فسخ فى الأصح لأن التوصل الى اخذه بواسطة القاضى ممكن. وقيل: يثبت له الفسخ لتعذر الوصول اليه