وسن أن يتوجه للقبلة لأنه المنقول سلفا وخلفا ولأنها أشرف الجهات فلو ترك ذلك مع القدرة عليه كره وأجزأه لأنه لا يخل ويسن آن يلتفت فى الأذان والاقامة بوجهه لا بصدره من غير أن ينتقل من محله وإنما لم يكره فى الاقامة بل يندب لأن القصد منها الاعلام فليس فيه ترك أدب، ويسن للمؤذن جعل أصبعين فى صماخيه لما صح من فعل بلال بحضرة النبى صلّى الله عليه وسلّم بخلاف الاقامة فلا يسن فيها ذلك، ويكره أذان محدث غير متيمم والاقامة من كل منهما أغلظ من الآذان لقربها من الصلاة فان انتظره القوم ليتطهر شق عليهم والا ساءت به الظنون، ويسن أن يتحول المؤذن من مكان الآذان للاقامة ولا يقيم وهو يمشى، وأن يفصل المؤذن والامام بين ألاذان والاقامة بقدر اجتماع الناس فى محل الصلاة وبقدر فعل السنة التى قبلها. وتدخل الاقامة فى الاستئجار على الآذان ضمنا فيبطل أفرادها باجارة اذ لا كلفة فيها وفى الآذان كلفة لرعاية الوقت، والفرق بينها وبين الآذان من وجهين أحدهما أن الآذان فيه مشقة الصعود والنزول ومراعاة الوقت والاجتهاد فيه بخلاف الاقامة والثانى: أن الأذان يرجع إلى المؤذن والاقامة لا ترجع للمقيم بل تتعلق بنظر الامام بل فى صحتها بغير أذن الامام خلاف، وشرط الاجارة أن يكون العمل مفوضا للأجير ولا يكون محجورا عليه فيه وهو محجور عليه فى الاتيان بالاقامة لتعلق أمرها بالامام فكيف يستأجر على شئ لم يفوض إليه وكيف تصح إجارة عين على أمر مستقبل لا يتمكن من فعله بنفسه، ويشترط ترتيب الاقامة للاتباع ولأن تركه يوهم اللعب ويخل بالاعلام فان عكس ولو ناسيا لم يصح ويبنى على المنتظم منه والاستئناف أولى ولو ترك بعض الكلمات فى خلاله أتى بالمتروك وأعاد ما بعده، ويشترط موالاة الأذان وكذا الاقامة لأن ترك ذلك يخل بالاعلام فلا يفصل بين كلماته بسكوت أو كلام طويل. نعم لا يضر يسيرهما ولو عمدا كيسير نوم وإغماء وجنون لعدم إخلاله بالاعلام، ويسن أن يستأنف فى غير الأولين، وكذا فيهما فى الاقامة فكأنها لقربها من الصلاة وتأكدها لم يسامح فيها بفاصل النية بخلاف الآذان، ولو عطس سن له أن يحمد الله فى نفسه وأن يؤخر رد السّلام وتشميت العاطس الى الفراغ وإن طال الفصل كما هو مقتضى كلامهم ووجهه أنه لما كان معذورا سومح له فى التدارك مع طوله لعدم تقصيره بوجه، فان لم يؤخر ذلك للفراغ فخلاف السنة كالتكلم ولو لمصلحة وقد يجب الانذار لنحوحية تقصد محترما أو رأى نحو أعمى يقع فى بئر ويشترط فى كل من الأذان والاقامة عدم بناء غيره على ما أتى به لأن صدور ذلك يورث اللبس غالبا فلا فرق بين أن يشتبها صوتا أولا وفى قول: للشافعى: لا يضر كلام وسكوت طويلان بين كلماتهما كبقية الأذكار، ومحل الخلاف حيث لم يفحش الطول فان فحش بحيث لا يسمى مع الأول والثانى آذانا فى الآذان واقامة فى الاقامة استأنف جزما، ويشترط (١) فى المؤذن والمقيم أن يكون مسلما فلا يصحان من كافر لأن فى اتيانه بهما نوع استهزاء اذ لا يعتقد حقيقة ذلك فلو فعل الكافر ذلك حكم باسلامه لنطقه بالشهادتين ما لم يكن عيسويا لاعتقاده أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم رسول الله الى العرب خاصة ولو ارتد المؤذن ثم أسلم قريبا بنى لأن الردة لا تبطل ما مضى الا أن اتصلت بالموت، وإن ارتد بعده ثم أسلم ولو بعد طول الفصل جازت اقامته، نعم يسن أن يصير ذلك غيره لأن ردته تورث شبهة فى حاله ويشترط أيضا فى المؤذن والمقيم التمييز ولو صبيا فيتأذى بأذانه واقامته الشعار وان لم يقبل خبره بدخول الوقت أما غير المميز كالمجنون والمغمى عليه فلا يصح منه ذلك لعدم أهليته للعبادة. نعم يصح من سكران فى أوائل نشأته لانتظام قصده حينئذ، ويشترط كذلك فى المؤذن والمقيم أن يكون ذكرا ولو عبدا فلا يصح من غير الذكر.
(١) المرجع السابق وحاشية الشبراملسى عليه ج ١ ص ٣٩٢، ص ٣٩٥ الطبعة السابقة.