للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعون درهما» فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم لرد الآبق جعلا، أما الضال فلا جعل فى رده لأنه لم يسمع عنه صلى الله عليه وسلم جعلا فى رده فيلزم الاقتصار فى ذلك على مورد النص ولأن إيجاب الجعل فى رد الآبق حامل لواجده على رده إذ الحسبة نادرة فتحصل صيانة أموال الناس والحاجة إلى صيانة الضال أقل من الحاجة إلى صيانة الآبق، لأن الآبق يختفى عن أعين الناس هربا من الرجوع إلى سيده، أما الضال فإنه يظهر ليرده الناس (١).

ويستوى فى وجوب الجعل كل رقيق أبق ولو كان فيه شائبة الحرية كالمدبر وأم الولد إلا المكاتب، فإنه لا جعل له، لأن المدبر وأم الولد وإن كان فيهما شائبة الحرية لتحرر المدبر بموت سيده متى خرج من الثلث وأم الولد تعتق بموت سيدها - إلا أنهما مملوكان للسيد ويستكسبهما كالقن، فيحصل بالرد إحياء المالية من هذا الوجه.

والجعل إنما كان لإحياء المالية، أما المكاتب فإنه أحق بمكاسبه، فلا يوجد فيه إحياء لمال المولى وهذا فيما إذا رد المدبر وأم الولد فى حياة المولى. أما إذا ردا بعد وفاته فلا جعل للراد بخلاف ما إذا رد القن بعد وفاته، وذلك لأن المدبر إن خرج من الثلث يعتق، ولا جعل فى الحر، وإن لم يخرج فكذلك عند الصاحيين، لأنه حر عليه دين، إذ العتق لا يتجزأ عندهما، وهو عند الإمام مكاتب ولا جعل على المكاتب، وأما أم الولد فإنها تعتق بموت سيدها، فلا جعل فيها لحريتها بعد موت سيدها ولا جعل فى الحر أما القن الذى جاء به الراد بعد موت سيده ففيه الجعل، لأنه لا يزال رقيقا (٢).

أما متى يستحق الجعل فإن الراد يستحقه برده لسيده، فلو مات أو أبق منه قبل الرد فلا جعل له، ويعتبر متسلما له إذا باعه من الراد عند حضوره وقبل أن يقبضه بيده لسلامة البدل وهو الثمن له أى للسيد وكذا لو اعتقه فى هذه الحال لأن الإعتاق منه قبض، وكذا إذا وهبه لابنه الصغير لأن هبة الآبق لصغيره جائزة لأنه باق فى يده حكما فيصير قابضا للصغير باليد الحكمى الذى بقى له أما إذا وهبه لغير صغيره ولو كان للراد نفسه لا يكون قابضا قبل الوصول إلى يده (٣) وهذا مشروط‍ بأن يصدقه السيد فى الإباق فإذا أنكر المولى إباقه كان القول له مع يمينه إلا إذا شهد شهود أنه أبق من مولاه أو يشهدوا على إقرار المولى بإباقه (٤) ولكنه يلزم مع ما تقدم لاستحقاق الجعل أن يشهد عند أخذه أنه أخذه ليرده على سيده متى تمكن من الإشهاد وإلا فلا يشترط‍ الإشهاد ويكون القول قوله فى أنه لم يتمكن وإن لم يشهد عند أخذه مع التمكن لا يكون له الجعل لأنه يكون آخذا لنفسه فيكون


(١) الزيلعى ج‍ ٣ ص ٣٠٨ الطبعة الأميرية.
(٢) الزيلعى ج‍ ٣ ص ٣٠٩.
(٣) المبسوط‍ ج‍ ١١ ص ٢٢ طبعة الساسى والعناية وفتح القدير والهداية ج‍ ٤ ص ٤٣٨ الطبعة الاميرية.
(٤) فتح القدير والهداية ج‍ ٤ ص ٤٣٨.