للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان اللفظ‍ ظاهرا فيه، فإن ما دل على كون الإجماع حجة دل على وجوب التمسك به، ولا يمكن التمسك بقول الكل قبل يوم القيامة لعدم كمال المجمعين، ولا فى يوم القيامة لانقطاع التكليف.

ثم ذكر أن أهلية الإجماع إنما تثبت بصفة الاجتهاد والاستقامة فى الدين عملا واعتقادا، لأن النصوص التى جعلت الإجماع حجة تدل على اشتراط‍ ذلك (١).

ويقول ملاجيون الحنفى فى شرحه علي المنار: «أهل الإجماع من كان مجتهدا صالحا، إلا فيما يستغنى عن الرأى، فإنه لا يشترط‍ فيه أهل الاجتهاد بل لا بد فيه من اتفاق الكل من الخواص والعوام، حتى لو خالف واحد منهم لم يكن إجماعا كنقل القرآن وأعداد الركعات ومقادير الزكاة، واستقراض الخبز، والاستحمام، وقال أبو بكر الباقلانى: إن الاجتهاد ليس بشرط‍ فى المسائل الاجتهادية أيضا، ويكفى قول العوام فى انعقاد الإجماع.

والجواب أن عليهم أن يقلدوا المجتهدين، ولا يعتبر خلافهم فيما يجب عليهم من التقليد (٢).

واختار الآمدى أن موافقة العامى ومخالفته لها اعتبار فى الإجماع، موافقا فى ذلك القاضى أبا بكر الباقلانى.

قال: «وذلك لأن قول الأمة إنما كان حجة لعصمتها عن الخطأ بما دلت عليه الدلائل السمعية من قبل ولا يمتنع أن تكون العصمة من صفات الهيئة الاجتماعية من الخاصة والعامة، وإذا كان كذلك فلا يلزم أن تكون العصمة الثابتة للكل ثابتة للبعض، لأن الحكم الثابت للجملة لا يلزم أن يكون ثابتا للأفراد».

«وبالجملة فهذه المسألة اجتهادية، غير أن الاحتجاج بالإجماع عند دخول العوام فيه يكون قطعيا، وبدونهم يكون ظنيا» (٣).

وفى روضة الناظر فى أصول الحنابلة: مثل ما أوردناه نقلا عن الغزالى دون مخالفة له (٤).

ومثل ذلك أيضا فى مختصر ابن الحاجب المالكى، وشرح العضد عليه (٥).

وفى شرح ابن لقمان على الكافل فى أصول الزيدية أنه «لا يعتبر فى الإجماع موافقة المقلد ولا مخالفته» (٦) فهو مختص بالمجتهدين.

وفى حاشيته: «والمراد بالمجتهدين من كان يتمكن من النظر ولو فى بعض المسائل لأن الاجتهاد يتجزأ» (٧).

وفى طلعة الشمس، فى أصول الإباضية:

«ويخرج، أى بقيد المجتهدين، عوام الأمة الذين لا نظر لهم فى شئ من الشرعيات، وإنما يأخذون الأحكام عن علمائهم بطريق الاتباع والتقليد فلا يقدح


(١) ص ٩٥٦ ج‍ ٣ وما بعدها من حاشية عبد العزيز البخارى على كشف الأسرار.
(٢) ص ١٠٥، ١٠٦ ج‍ ٢ من شرح المنار.
(٣) ص ٣٢٢، ٣٢٥ ج‍ ١ من الأحكام للآمدى.
(٤) ص ٣٤٧ ج‍ ١ من روضة الناظر.
(٥) ص ٣٣ من الشرح المذكور.
(٦) ص ٧١ من الشرح المذكور.
(٧) نفس الموضع.