للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك تستحب الزكاة من مال التجارة وهو المال الذى ملك بعقد معاوضة وقصد به الاكتساب عند التملك فلو ملكه بعقد معاوضة لكن لا بقصد التجارة والتكسب بل بقصد الاقتناء ابتداء او انتهاء او بقصد التصدق به أو بدون قصد شئ فانه لا تستحب زكاته وان قصد به التجارة بعد ذلك لم يصير للتجارة بمجرد النية (١). لأن من اشترى شيئا للاقتناء لا يقال: انه تاجر ولا يقال: انه اتجر فلا يصدق على المال الذى اشتراه للاقتناء اذا نوى بعد ذلك بيعه باكثر من ثمنه انه مال تجارة تستحب فيه الزكاة (٢)

اما لو اشترى امتعة للتجارة ثم نوى اقتناءها ولو يوما من الحول صحت نيته وصارت الأمتعة للاقتناء فلا زكاة فيها بلا خلاف والفرق بين نية الاقتناء ونية التجارة - حيث يحصل قطع التجارة بالاولى اتفاقا ولا يحصل قطع الاقتناء بالثانية على المشهور - هو ان الأصل فى الأمتعة الاقتناء والتجارة عارضة وبمجرد النية يعود حكم الاصل ولا يزول حكم الاصل بمجردها بدون تصرف كما لا تكفى نية سوم الماشية بدون اسامتها فعلا ولان التجارة عمل. هذا هو ما ذهب اليه علماء المذهب وأكثر العامة.

وقال بعض العامة: تكفى نية التجارة المجردة فى جعل امتعة الاقتناء للتجارة فتزكى استحبابا لان التربص والانتظار تجارة، ولانه كما تعمل نية الاقتناء فى قطع التجارة اتفاقا فكذا تعمل نية التجارة فى قطع الاقتناء جاء هذا فى المعتبر واستدل عليه باطلاق النصوص ولعله لذلك كان اختيار البيان وظاهر اللمعة البهية. واستحسنه فى المسالك وقواه صاحب الروضة البهية

قال صاحب جواهر الكلام: وهذا عندى قوى لان نية التجارة هو أن يطلب بتملك الامتعة زيادة على رأس ماله وينوى بها البيع كذلك فتجب الزكاة ولا نسلم ان الزكاة تتعلق بالفعل الذى هو البيع بل يكفى اعداد السلعة لطلب الربح وذلك يتحقق بالنية. وكذلك لا زكاة فى المال لو انتقل اليه بغير عقد كالميراث وحيازة المباحات ونحو ذلك أو بعقد لكن ليس عقد معاوضة كالهبة والصدقة والوقف ونحو ذلك. كما لا زكاة فى المهر وعوض الخلع (٣) أو انتقل اليه بعقد معاوضة لكن لا بقصد التكسب بل للاقتناء فانه لا يزكيه وان قصد به التكسب بعد ذلك ضرورة عدم مقارنته لحال الانتقال اليه. ولو اشترى عرضا للتجارة بعرض للاقتناء فرد عليه عرض الاقتناء بالعيب انقطع حول التجارة لان الاقتناء كان فى العين وقد استردت ولو كان عنده عرض للتجارة فباعه بعرض للاقتناء ثم رد عليه عرضه لم يكن مال تجارة لانقطاعها بنية الاقتناء فى بدله.

ولو اشترى عرضا للاقتناء بمثله ثم رد ما اشتراه بعيب، أو رد عليه ما باعه فأخذه على قصد التجارة لم يصر مال تجارة بناء على اعتبار مقارنة قصد التجارة للتملك بعقد المعاوضة


(١) جواهر الكلام السابق ج‍ ١٥ ص ٢٥٩ - ٢٦٠ مفتاح الكرامة السابق ج‍ ٣ ص ١١٣ - ١١٤ والخلاف ج‍ ١ ص ٣٤٦.
(٢) مستمسك العروة الوثقى السابق ج‍ ٨ ص ١٧٧.
(٣) جواهر الكلام السابق ج‍ ١٥ ص ٢٥٩ - ٢٦٠ مفتاح الكرامة السابق ج‍ ٣ ص ١١٣ - ١١٤.