لفلان على مائة جنيه ثم يسكت مدة من غير ضرورة ثم يقول: الا خمسين. فان هذا الاستثناء بعد ذلك خلافا لما يروى عن ابن عباس رضى الله عنهما من أنه اجاز تأخير الاستثناء والفصل بينه وبين المستثنى منه بالسكوت ولم تحدد مدة الفصل أن صح هذا القول ومقال الاستثناء المتصل أن يقول:
لفلان عندى عشرة جنيهات الا ثلاثة متصلا دون قطع للكلام ولا سكوت بين المستثنى والمستثنى منه .. ويفتقر الفصل للضرورة كتنفس وسعال وعطاس وأخذ فم والفصل مجالا يعتبر فصلا كالنداء ونجد أن يقول:
لك عندى ألف درهم يا فلان الا مائة. فانه يصح لأنه لتثنية المنادى لما يلقى اليه من الكلام فلم يكن اجنبيا من الكلام فلا يضر الفصل وكأنه لم يفصل أصلا .. والضابط فى هذا أن الملائم للاقرار لا يمنع الاتصال وغيره يمنعه. فمن قبيل الأول ما ذكر من التنفس واضرابه والنداء. ومن قبيل الثانى التهليل والتسبيح والتكبير والاشهاد. فاذا فصل بشيئ من ذلك لا يصح الاستثناء.
(٢) الا يكون المستثنى مستغرقا للمستثنى منه بلفظه أو بما يساويه. فان كان مستغرقا للمستثنى منه بلفظه أو بما يساويه لم يصح الاستثناء ويجب الكل. يقال ما اذا كان المستثنى مستغرقا للمستثنى منه بلفظه ان يقول: لفلان عندى ألف درهم الا ألف درهم ومقال ما اذا كان مستغرقا له بما يساويه ان يقول لفلان عندى ألف درهم الا خمسمائة وخمسمائة أو يقول: نسائى طوالق الا زوجاتى فان خمسمائة وخمسمائة تساوى الألف وزوجاته تساوى نساءه. ففى هذه الصور لا يصح الاستثناء وتجب الألف فى الصورتين الأولى والثانية وتطلق جميع زوجاته فى الصورة الثالثة .. فلو كان الاستغراق آتيا من الخارج لا من اللفظ فان كان لفظ المستثنى منه صالحا لأن يدل لغة على اكثر من المستثنى ولكنه لا يوجد من مدلوله فى الخارج الا لبذر المستثنى صح الاستثناء وبطل الاقرار. وذلك نحو أن يقول: عبيد أحرار الا هؤلاء ويشير الى جميع من يملكهم من العبيد أو الا مرجانا وسعيدا وبخيتا وكان لا يملك غير من سماهم أو يقول لفلان ثلث مالى الا الفان وهو لا يملك الا ثلاثة آلاف .. فانه يصح الاستثناء فى هذه الصور كلها ولا تعتق عبيده فى الصورتين الأولى والثانية ولا يجب عليه بشيئ فى الصورة الثالثة. وذلك لأن الشرط فى صحة الاستثناء ايهام بقاء شيئ بعد المستثنى لا حقيقة البقاء وهذا موجود فى كل شيئ آت من الخارج لا من اللفظ. هذا فى المستغرق .. فان كان غير مستغرق صح الاستثناء ووجب الباقى بعد المستثنى. وذلك نحو أن يقول: لفلان عندى عشرة جنيهات الا أربعة فانه يصح وتجب ستة جنيهات فلو كان المستثنى أكثر من المستثنى منه نحو أن يقول: لفلان عندى درهم الا عشرة دراهم صح ذلك فى ظاهر الرواية وهو الصحيح ويطرح القليل من الكثير. ويجب عليه الفرق بينهما فيجب عليه فى هذا المقال تسعة دراهم. وروى عن أبى يوسف أنه لا يصح.
(٣) أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه او يكون من خلاف جنسه وهو ما يتبقى دينا فى الذمة وهو المكيل والموزون والعددى