للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر موقوف فان تمت الحجة لم يجب والا وجب ولا فرق فى الاقرار بين أن يكون المقر حرا أو عبدا. وفى العبد خلاف زفر رحمه الله تعالى … وقال ابن أبى ليلى: لا يعتبر اختلافا المجالس. وانما يعتبر العدد فقط‍ كما فى الشهادة .. وينبغى للامام أن يزجر المقر عن الاقرار ويظهر له الكراهية منه ويأمر بابعاده عن مجلسه فى كل مرة لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعل كذلك وقال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه:

اطردوا المعترفين. يعنى بالزنا .. واذا تم الاقرار أربع مرات فى أربعة مجالس على المقر المذكور .. سأل القاضى المقر عن الزنا ما هو؟ وكيف هو. وأين هو. وأين زنى. وبمن زنى. ومتى زنى ليزول الاحتمال .. وقيل لا يسأله عن الزمان لأن تقادم العهد يمنع الشهادة دون الاقرار .. والاصح أنه يسأله لاحتمال أنه زنى فى صباه .. وهذا السؤال يكون بعد ما نظر فى حاله وعرف انه صحيح العقل كما فعل النبى صلّى الله عليه وسلّم مع ماعز .. ولا بد من التصريح به فى ذلك ولا يكتفى بالكتابة لأنه عليه الصلاة والسّلام قال لماعز: فهل تدرى ما الزنا. قال نعم.

وقال له: أنكتها؟ لا يكنى. قال نعم.

فاذا بين ذلك وظهر زناه سأله عن الاحصان.

فان قال له: انه محصن سأله عن الاحصان.

ما هو؟ فان وصفه بشرائطه حكم برجمه ..

ولا يعتبر اقراره عند غير القاضى ممن لا ولاية له فى اقامة الحدود ولو كان اربع مرات حتى لا يقتل الشهادة عليه بذلك. لأنه ان كان منكرا فقد رجع عن الاقرار. وان كان مقرا لا تتغير الشهادة لأنها لا تعتبر مع الاقرار. ولو اقر بالزنا مرتين وشهد عليه اربعة بالزنا لا يحد عند ابى يوسف رحمه الله تعالى .. وقال محمد رحمه الله تعالى: يحد لأن هذا الاقرار ليس بحجة فلا يعتد به فيكون الامتناع عن بغية الاقرار دليل الرجوع عنه أو هو غير صحيح فيه فيلحق بالعدم شرعا فيضيف الشهادة وحدها هى الحجة فتقبل ويحد ..

ولأبى يوسف رحمه الله تعالى: أن الاقرار موجود وحقيقة لكنه غير معتبر شرعا.

فأورثت الحقيقة شبهة وهو يدرأ بها فصار كما اذا كانت معتبرة شرعا لا تعتبر معه الشهادة.

فان رجع عن اقراره قبل الحد او فى وسطه خلى سبيله لأن الرجوع خبر يحتمل الصدق والكذب كالاقرار الأول فأورث شبهة والحد يدرأ بالشبهة وهذا لأن كل واحد من كلاميه يحتملها فلا يمكن العمل بأحدهما لعدم الأولية فيترك على ما كان .. بخلاف القصاص وحد القذف لأنهما من حقوق العباد. والعبد يكذبه فى الرجوع .. اما حد الزنا فهو حق لله سبحانه وتعالى فلا مكذب له .. والى صحة الرجوع عن الاقرار أشار النبى صلى الله عليه وسلم بقوله: هلا تركتموه؟. حين أخبر باقرار ما عز .. وقال ابن أبى ليلى والشافعى رحمهما الله تعالى: لا يصح الرجوع عن الاقرار ويحد لوجوبه باقراره فلا يبطل بعد ذلك بانكاره .. وهذا لأنه احدى الحجنين فصار ثبوته به كثبوته بالشهادة كالقصاص والقذف

ويستحب للامام ان يلقن المقر الرجوع عن الاقرار بأن يقول له: لعلك قبلت أو لمست أو وطئت بشبهة أو بنكاح أو بملك يمين. لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع ماعز